" صفحة رقم ١٣١ "
في عقود المصالحة والمعاهدة مع المسلمين أن لا يطعنوا في الإسلام، في غير هذه الآية، فكانَ هذا شرطاً عليهم من بعد، لأنّ المسلمين أصبحوا في قوة.
وقوله :( فقاتلوا أئمة الكفر ( أمر للوجوب.
وجملة ) لعلهم ينتهون ( يجوز أن تكون تعليلاً للجملة ) فقاتلوا أئمة الكفر ( أي قتالهم لرجاء أن ينتهوا، وظاهر أنّ القتال يُفني كثيراً منهم، فالانتهاء المرجو انتهاء الباقين أحياء بعد أن تضع الحرب أوزارها.
ولم يذكر متعلِّق فعل ) ينتهون ( ولا يحتمل أن يكون الانتهاء عن نكث العهد، لأنّ عهدهم لا يقبل بعدَ أن نكثوا لقول الله تعالى :( إنهم لا أيمان لهم (، ولا أن يكون الانتهاء عن الطعن في الدين، لأنّه إن كان طعنهم في ديننا حاصلاً في مدّة قتالهم فلا جدوى لرجاء انتهائهم عنه، وإن كان بعدَ أن تضع الحرب أوزارها فإنّه لا يستقيم إذ لا غاية لتنهية القتل بين المسلمين وبينهم، فتعيّن أنّ المراد : لعلهم ينتهون عن الكفر.
ويجوز أن تكون الجملة استئنافاً ابتدائياً لا اتّصال لها بجملة ) وإن نكثوا أيمانهم ( الآية، بل ناشئة عن قوله :( فإن تابوا وأقاموا الصلاة إلى قوله أئمة الكفر ( ( التوبة : ٥ ١٢ ).
والمعنى : المرجو أنّهم ينتهون عن الشرك ويسلمون، وقد تحقّق ذلك فإنّ هذه الآية نزلت بعد فتح مكة، وبعدَ حُنين، ولم يقع نكث بعد ذلك، ودخل المشركون في الإسلام أفواجاً في سنة الوفود.
) ) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُو اْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ ).
تحذير من التواني في قتالهم عدا ما استثني منهم بعد الأمر بقتلهم، وأسرهم، وحصارهم، وسدّ مسالك النجدة في وجوههم، بقوله :( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إلى قوله كل مرصد ( ( التوبة : ٥ ). وبعد أن أثبتت لهم ثمانية خلال تغري بعدم


الصفحة التالية
Icon