" صفحة رقم ١٤١ "
وجملة ) أولئك حبطت أعمالهم ( ابتداءُ ذم لهم، وجيء باسم الإشارة لأنّهم قد تميّزوا بوصف الشهادة على أنفسهم بالكفر كما في قوله :( أولئك على هدى من ربهم ( ( البقرة : ٥ ) بعد قوله :( هدى للمتقين ( ( البقرة : ٢ ) الآية.
و ) حبطت ( بطلت، وقد تقدّم في قوله تعالى :( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة في سورة البقرة ( ٢١٧ ).
وتقديم في النار ( على ) خالدون ( للرعاية على الفاصلة ويحصل منه تعجيل المساءة للكفار إذا سمعوه.
) ) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَواةَ وَءاتَى الزَّكَواةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَائِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ).
موقع جملة ) إنما يعمر مساجد الله ( الاستئناف البياني، لأنّ جملة :( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ( ( التوبة : ١٧ ) لمّا اقتضت إقصَاء المشركين عن العبادة في المساجد كانت بحيث تثير سؤالاً في نفوس السامعين أن يتطلّبوا من هم الأحقّاء بأن يعمروا المساجد، فكانت هذه الجملة مفيدة جواب هذا السائِل.
ومجيء صيغة القصر فيها مؤذن بأنّ المقصود إقصاء فِرق أخرى عن أن يعمروا مساجد الله، غير المشركين الذين كان إقصاؤهم بالصريح، فتعيّن أن يكون المراد من الموصول وصلته خصوص المسلمين، لأنّ مجموع الصفات المذكورة في الصلة لا يثبت لغيرهم، فاليهود والنصارى آمنوا بالله واليوم الآخر لكنّهم لم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة، لأنّ المقصود بالصلاة والزكاة العبادتان المعهودتان بهذين الاسمين والمفروضتان في الإسلام، ألا ترى إلى قوله تعالى :( قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ( ( المدثر : ٤٣، ٤٤ ) كناية عن أن لم يكونوا مسلمين.
واستغني عن ذكر الإيمان برسوله محمد ( ﷺ ) بما يدلّ عليه من آثار شريعته : وهو الإيمان باليوم الآخر، وإقامُ الصلاة : وإيتاء الزكاة.