" صفحة رقم ١٥٠ "
والنعيم : ما به التذاذ النفس باللذات المحسوسة، وهو أخصّ من النِعمة، قال تعالى :( إن الأبرار لفي نعيم ( ( الإنفطار : ١٣ ) وقال :( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ( ( التكاثر : ٨ ).
والمقيم المستمرّ، استعيرت الإقامة للدوام والاستمرار.
والتنكير في ) برحمة، ورضوان، وجنات، ونعيم ( للتعظيم، بقرينة المقام، وقرينة قوله ) منه ( وقرينة كون تلك مبشرّاً بها.
وجملة ) إن الله عنده أجر عظيم ( تذييل وتنويه بشأن المؤمنين المهاجرين المجاهدين لأنّ مضمون هذه الجملة يعمّ مضمون ما قبلها وغيرَه، وفي هذا التذييل إفادة أنّ ما ذكر من عظيم درجات المؤمنين المهاجرين المجاهدين هو بعض ما عند الله من الخيرات فيحصل من ذلك الترغيب في الازدياد من الأعمال الصالحة ليزدادوا رفعة عند ربّهم، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ( ما عَلى من دُعي من جميع تلك الأبواب من ضَرورة ).
والأجرُ : العوض المعطى على عمل، وتقدّم في قوله :( إذا آتيتموهن أجورهن في سورة العقود ( ٥ ).
) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُو اْ ءَابَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ).
استئناف ابتدائي لافتتاح غرض آخر وهو تقريع المنافقين ومن يواليهم، فإنّه لمّا كان أوّل السورة في تخطيط طريقة معاملة المظهرين للكفر، لا جرم تهيّأ المتامُ لمثل ذلك بالنسبة إلى من أبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان : المنافقينَ من أهل المدينة ومن بقايا قبائل العرب ؛ ممّن عُرفوا بذلك، أو لم يعرفوا وأطْلَعَ الله عليهم نبيَئه ( ﷺ ) وحذّر المؤمنين المطّلعين عليهم من بطانتهم وذوي قرابتهم


الصفحة التالية
Icon