" صفحة رقم ١٥٩ "
جاؤوا رسول الله ( ﷺ ) مسلمين تائبين، وسألوه أن يردّ إليهم سبيهم وغنائمهم، فذلك أكبر منّة في نصر المسلمين إذْ أصبح الجندُ العدوُّ لهم مسلمين معهم، لا يخافونهم بعد ذلك اليوم.
والمعنى : ثم تاب الله عليهم، أي على الذين أسلموا منهم فقوله :( يتوب الله من بعد ذلك ( دليل المعطوف بثُم ولذلك أتى بالمضارع في قوله :( يتوب الله ( دون الفعل الماضي : لأنّ المقصود ما يشمل توبة هوازن وتوبة غيرهم، للإشارة إلى إفادة تجدّد التوبة على كلّ من تاب إلى الله لا يختصّ بها هوازن فتوبته على هوازن قد عَرفها المسلمون، فأعلموا بأنّ الله يعامل بمثل ذلك كلّ من ندم وتاب، فالمعنى : ثم تاب الله عليهم ويتوب الله على من يشاء.
وجملة :( والله غفور رحيم ( تذييل للكلام لإفادة أنّ المغفرة من شأنه تعالى، وأنّه رحيم بعباده إن أنابوا إليه وتركوا الإشراك به.
) ) ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو اْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَاذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
) ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو اْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَاذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
استئناف ابتدائي للرجوع إلى غرض إقصاء المشركين عن المسجد الحرام المفاد بقوله :( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ( ( التوبة : ١٧ ) الآية، جيء به لتأكيد الأمر بإبعادهم عن المسجد الحرام مع تعليله بعلّة أخرى تقتضي إبعادهم عنه : وهي أنّهم نجس، فقد علّل فيما مضى بأنّهم شاهدون على أنفسهم بالكُفر، فليسوا أهلاً لتعمير المسجد المبني للتوحيد، وعلّل هنا بأنّهم نجس فلا يعمروا المسجد لطهارته.
و ) نجس ( صفة مشبهة، اسم للشيء الذي النجاسة صفة ملازمة له، وقد أنيط وصف النجاسة بهم بصفة الإشراك، فعلمنا أنّها نجاسة معنوية نفسانية وليست نجاسة ذاتية.