" صفحة رقم ١٦٥ "
أو أجناساً ممّا يثبت له معنى الصلة أو الصلات، عَلى أنّ حرف العطف نائب عن العامل فهو بمنزلة إعادة اسم الموصول سواء وقع الاقتصار على حرف العطف كما في هذه الآية، أم جمع بين حرف العطف وإعادة اسم الموصول بعد حرف العطف كما في قوله تعالى :( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربّهم سجّداً وقياماً، والذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراماً إنّها ساءت مستقراً ومقاماً، والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً، والذين لا يدعون مع الله إلاهاً آخر ( ( الفرقان : ٦٣ ٦٨ ) فقد عطفت فيها ثمانية أسماء موصولة على اسم الموصول ولم يقتض ذلك أنّ كلّ موصول مختصّ المَاصْدَق على طائفة خاصّة بل العبرةِ بالاتّصاف بمضمون إحدى تلك الصلات جميعها بالأولى، والتعويل في مثل هذا على القرائن.
وقوله :( من الذين أوتوا الكتاب ( بيان لأقرب صلة منه وهي صلة ) ولا يدينون دين الحق ( والأصل في البيان أن يكون بلصق المبين لأنّ البيان نظير البدل المطابق وليس هذا من فروع مسألة الصفة ونحوها الواردة بعد جمل متعاطفة مفرد وليس بياناً لجملة الصلة على أنّ القرينة تردّه إلى مردّه. وفائدة ذكره التنديد عليهم بأنّهم أوتوا الكتاب ولم يدينوا دين الحقّ الذي جاء به كتابهم، وإنّما دانوا بما حرفوا منه، ومَا أنكروا منه، وما ألصقوا به، ولو دانوا دين الحق لاتّبعوا الإسلام، لأنّ كتابهم الذي أوتوه أوصاهم باتّباع النبي الآتي من بعد ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون أفغير دين الله تبغون ( ( آل عمران : ٨١ ٨٣ ).
وقوله :( ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ). بمعنى لا يجعلون حراماً ما حرّمه الله فإنّ مادة فعَّل تستعمل في جعل المفعول متّصفاً بمصدر الفعل، فيفيد قوله :( ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ( أنّهم يجعلونه غير حرام والمراد أنّهم يجعلونه مباحاً. والمقصود من هذا تشنيع حالهم وإثارة كراهيتهم لهم بأنّهم يستبيحون ما حرّمه الله على عباده ولمّا كان ما حرمه الله قبيحاً منكراً لقوله تعالى :( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم


الصفحة التالية
Icon