" صفحة رقم ١٦٩ "
من أفواههم إن يقولون إلا كذباً ( ( الكهف : ٥ ). وفي هذا أيضاً إلزام لهم بهذا القول، وسدّ باب تنصّلهم منه إذ هو إقرارهم بأفواههم وصريح كلامهم.
والمضاهاة : المشابهة، وإسنادها إلى القائلين : على تقدير مضاف ظاهرٍ من الكلام، أي يضاهي قولُهم.
و ) الذين كفروا من قبل ( هم المشركون : من العرب، ومن اليونان، وغيرهم، وكونُهم من قَبل النصارى ظاهر، وأمّا كونهم من قبللِ اليهود : فلأنّ اعتقاد بنوة عُزير طارىء في اليهود وليس من عقيدة قُدمائهم.
وجملة ) قاتلهم الله ( دعاء مستعمل في التعجيب، وهو مركّب يستعمل في التعجّب من عمل شنيع، والمفاعلة فيه للمبالغة في الدعاء : أي قتلهم الله قتلاً شديداً. وجملة التعجيب مستأنفة كشأن التعجب.
وجملة ) أنى يؤفكون ( مستأنفة. والاستفهام فيها مستعمل في التعجيب من حالهم في الاتّباع الباطل، حتّى شبه المكان الذي يُصرفون إليه باعتقادهم بمكان مجهول من شأنه أن يُسأل عنه باسم الاستفهام عن المكان، ومعنى ) يؤفكون ( يُصرفون. يقال : أفَكَه يأفِكه إذا صرفه، قال تعالى :( يؤفك عنه من أفك ( ( الذاريات : ٩ ) والإفك بمعنى الكذب قد جاء من هذه المادّة لأنّ الكاذب يصرف السامع عن الصدق، وقد تقدّم ذلك غير مرة.
٣١ ) ) اتَّخَذُو اْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُو اْ إِلاَّ لِيَعْبُدُو اْ إِلَاهاً وَاحِداً لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ).
الجملة تقرير لمضمون جملة ) وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ( ( التوبة : ٣٠ ) ليُبنى على التقرير زيادة التشنيع بقوله :( وما أمروا إلا ليعبدوا إلاهاً واحداً ( إلخ، فوزان هذه الجملة وزان جملة ) اتخذوه وكانوا ظالمين ( ( الأعراف : ١٤٨ ) بعد جملة ) واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ( ( الأعراف : ١٤٨ ). والضمير لليهود والنصارى.


الصفحة التالية
Icon