" صفحة رقم ١٧٨ "
عليه وسلم وصاحبيه فشكاه معاويةُ إلى عثمان، فاستجلبه من الشام وخشي أبو ذَر الفتنةَ في المدينة فاعتزلها وسكن الربذة وثبت على رأيه وقوله.
والفاء في قوله :( فبشرهم ( داخلة على خبر الموصول، لتنزيل الموصول منزلة الشرط، لما فيه من الإيماء إلى تعليل الصلة في الخبر، فضمير الجمع عائد إلى ) الذين ( ويجوز كون الضمير عائداً إلى الأحبار والرهبان والذين يكنزون. والفاء للفصيحة بأن يكون بعد أنْ ذَكَر آكلي الأموال الصادّين عن سبيل الله وذكَر الكانزين، أمر رسوله بأن يُنذر جميعهم بالعذاب، فدلّت الفاء على شرط محذوف تقديره : إذا علمتَ أحوالهم هذه فبشّرهم، والتبشير مستعار للوعيد على طَريقة التهكّم.
٣٥ ) ) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَاذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ).
انتصب ) يوم يحمى ( على الظرفية لِ ) عذاب ( ( التوبة : ٣٤ )، لما في لفظ عَذاب من معنى يُعذّبون. وضمير ) عليها عائد إلى الذهب والفضة ( ( التوبة : ٣٤ ) بتأويلهما بالدنانير والدراهم، أو عائد إلى ) أمْوالَ الناس ( ( التوبة : ٣٤ ) و ) الذهبَ والفضةَ ( ( التوبة : ٣٤ )، إن كان الضمير في قوله :( فبشرهم ( ( التوبة : ٣٤ ) عائداً إلى ) الأحبار والرهبان والذين يكنزون ( ( التوبة : ٣٤ ).
والحَمْيُ شدّة الحرارة. يقال : حَمِيَ الشيء إذا اشتدّ حرّه.
والضمير المجرور بعلَى عائد إلى ) الذهب والفضة ( ( التوبة : ٣٤ ) باعتبار أنّها دنانير أو دراهم، وهي متعدّدة وبني الفعل للمجهول لعدم تعلّق الغرض بالفاعل، فكأنّه قيل : يوم يحمي الحَامون عليها، وأسند الفعل المبني للمجهول إلى المجرور لعدم تعلّق الغرض بذكر المفعول المحمي لظهوره : إذ هو النار التي تُحمى، ولذلك لم يقرن بعلامة التأنيث، عُدّي بعلَى الدالّة على الاستعلاء المجازي لإفادة أنّ الحَمْي تمكّن من الأموال بحيث تكتسب حرارة المحمي كلها، ثم أكّد معنى التمكّن بمعنى الظرفية التي في قوله :( في نار جهنم ( فصارت الأموال محمية عليها النارُ وموضوعة في النار.