" صفحة رقم ٩٧ "
وعن سفيان أنّها تسمّى ( المدمدمة ) بصيغة اسم الفاعل من دمدم إذا أهلك، لأنّها كانت سبب هلاك المشركين. فهذه أربعة عشر اسماً.
وهي مدنية بالاتّفاق. قال في ( الإتقان ) : واستثنى بعضهم قوله :( ما كان للنبيء والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ( ( التوبة : ١١٣ ) الآية ففي ( صحيح البخاري ) أنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة دخل عليه النبي ( ﷺ ) فقال :( يا عمّ قل لا إلاه إلا الله كلمةً أحاجّ لك بها عند الله ) فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ( يا أبا طالب أترغب عن ملّة عبد المطلب ). فكان آخر قول أبي طالب : أنّه على ملّة عبد المطلب، فقال النبي :( لأستغفرنّ لك ما لم أُنْهَ عنك ). وتوفّي أبو طالب فنزلت ) ما كان للنبيء والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ( ( التوبة : ١١٣ ).
وشذّ ما روي عن مقاتل : أنّ آيتين من آخرها مكَّيتان، وهما ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم ( ( التوبة : ١٢٨ ) إلى آخر السورة. وسيَأتي ما روي أنّ قوله تعالى :( أجعلتم سقاية الحاج ( ( التوبة : ١٩ ) الآية. نزل في العباس إذْ أسَر يوم بدر فعَيّره علي بن أبي طالب بالكفر وقطيعة الرحم، فقال : نحن نحجب الكعبة إلخ.
وهذه السورة آخر السور نزولاً عند الجميع، نزلت بعد سورة الفتح، في قول جابر بن زيد، فهي السورة الرابعة عشرة بعد المائة في عداد نزول سور القرآن. وروي : أنّها نزلت في أوّل شوال سنة تسع، وقيل آخر ذي القعدة سنة تسع، بعد خروج أبي بكر الصديق من المدينة للحجّة التي أمَّره عليها النبي ( ﷺ ) وقيل : قبيل خروجه.
والجمهور على أنّها نزلت دفعة واحدة، فتكون مثل سورة الأنعام بين السور الطوال.
وفسّر كثير من المفسّرين بعض آيات هذه السورة بما يقتضي أنّها نزلت أوزاعاً في أوقات متباعدة، كما سيأتي، ولعلّ مراد من قال إنّها نزلت غير متفرقة : أنّه يعني إنها لم يتخلّلها ابتداء نزول سورة أخرى.
والذي يغلب على الظنّ أنّ ثلاث عشرة آية من أولها إلى قوله تعالى :( فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ( ( التوبة : ١٣ ) نزلت متتابعة، كما سيأتي في خبر بعث علي بن أبي طالب


الصفحة التالية
Icon