" صفحة رقم ١١١ "
والقعود : الجلوس.
والقيام : الانتصاب. وتقدم في قوله : وإذا أظلم عليهم قاموا في سورة البقرة ( ٢٠ ).
و ( إذا ) هٌّا لمجرد الظرفية وتوقيتتِ جوابها بشرطها، وليست للاستقبال كما هو غالب أحوالها لأن المقصود هنا حكاية حال المشركين في دعائهم الله عند الاضطرار وإعراضهم عنه إلى عبادة آلهتهم عند الرخاء، بقرينة قوله : كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ( إذ جعلها حالاً للمسرفين. وإذ عبر عن عملهم بلفظ ) كانوا ( الدال على أنه عملهم في ماضي أزمانهم، ولذلك جيء في شرطها وجوابها وما عطف عليهما بأفعال المضي لأن كون ذلك حالهم فيما مضى أدخلُ في تسجيله عليهم مما لو فرض ذلك من حالهم في المستقبل إذ لعل فيهم من يتعظ بهذه الآية فيقطع عن عمله هذا أو يساق إلى النظر في الحقيقة.
ولهذا فرع عليه جملة :( فلما كشفنا عنه ضره مرَّ ( لأن هذا التفريع هو المقصود من الكلام إذ الحالة الأولى وهي المفرع عليها حالة محمودة لولا ما يعقبها.
والكشف : حقيقته إظهار شيء عليه ساتر أو غطاء. وشاع إطلاقه على مطلق الإزالة. إما على طريقة المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق، وإما على طريقة الاستعارة بتشبيه المزال بشيء ساتر لشيء.
والمرور : هنا مجازي بمعنى استبدال حالة بغيرها. شُبه الاستبدال بالانتقال من مكان إلى آخر لأن الانتقال استبدال، أي انتقل إلى حال كحَال من لم يسبق له دعاؤُنا، أي نسي حالة اضطراره واحتياجه إلينا فصار كأنه لم يقع في ذلك الاحتياج.
و ( كأنْ ) مخففة كأنَّ، واسمها ضمير الشأن حذف على ما هو الغالب. وعدي الدعاء بحرف ( إلى ) في قوله :( إلى ضر ( دون اللام كما هو الغالب في نحو قوله :
دعوت لما نابني مسورا
على طريقة الاستعارة التبعية بتشبيه الضر بالعدو المفاجىء الذي يدعو إلى من فاجأه ناصراً إلى دفعه.


الصفحة التالية
Icon