" صفحة رقم ١١٩ "
والاتباع مجاز في عدم التصرف، بجامع مشابهة ذلك للاتباع الذي هو عدم تجاوز الاقتفاء في المشي.
واقتضت ( إنْ ) النافية وأداةُ الاستثناء قصرَ تعلق الاتباع على ما أوحى الله وهو قصر إضافي، أي لا أبلغ إلا ما أوحي إلي دون أن يكون المتَّبَع شيئاً مخترعاً حتى أتصرف فيه بالتغيير والتبديل، وقرينة كونه إضافياً وقوعه جواباً لرد اقتراحهم.
فمن رام أن يحتج بهذا القصر على عدم جواز الاجتهاد للنبيء ( ﷺ ) فقد خرج بالكلام عن مهيعه.
وجملة :( إني أخاف إن عصيت ربي ( الخ في موضع التعليل لجملة :( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ( ولذلك فصلت عنها. واقترنت بحرف ( إن ) للاهتمام، و ( إنَّ ) تؤذن بالتعليل.
وقوله :( إن عصيت ربي (، أي عصيته بالإتيان بقرآن آخر وتبديله من تلقاء نفسي.
ودل سياق الكلام على أن الإتيان بقرآن آخر غير هذا بمعنى إبطال هذا القرآن وتعويضه بغيره، وأن تبديله بمعنى تغيير معاني وحقائق ما اشتمل عليه ممتنع.
ولذلك لم يلقن الرسول ( ﷺ ) أن يقول هنا : إلا ما شاء الله، أو نحو ذلك.
) ) قُل لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (
هذا جواب عن لازم اقتراحهم وكنايتهِ عن رميهم الرسول ( ﷺ ) بالكذب عن الله فيما ادعى من إرساله وإنزال القرآن عليه كما تقدم في الجواب قبله. ولكونه جواباً مستقلاً عن معنى قصدوه من كلامهم جاء الأمر به مفصولاً عن الأول غير معطوف عليه تنبيهاً على استقلاله وأنه ليس بتكملة للجواب الأول.


الصفحة التالية
Icon