" صفحة رقم ١٢٢ "
وأدراكم ( عَرَّفكم. وفعل الدراية إذا تعلق بذات يتعدى إليها بنفسه تارة وبالباء أيضاً، يقال : دَريته ودريت به. وقد جاء في هذه الآية على الاستعمال الثاني وهو الأكثر في حكاية سيبويه.
قرأ الجمهور ) ولا أدراكم به ( بحرف النفي عطفاً على ) ما تلوته عليكم ( أي لو شاء الله ما أمرني بتلاوة القرآن عليكم ولا أعلمكم الله به. وقرأه البزي عن ابن كثير في إحدى روايتين عنه بلام ابتداء في موضع لا النافية، أي بدون ألِف بعد اللام فتكون عطفاً على جواب ( لو ) فتكون اللام لاماً زائدة للتوكيد كشأنها في جواب ( لو ). والمعنى عليه : لو شاء الله ما تلوته عليكم ولو شاء لجعلكم تدرون معانيه فلا تكذِبوا.
وتفريع جملة :( فقد لبثت فيكم ( تفريع دليللِ الجملة الشرطية وملازمتها لطَرَفَيها.
والعُمُر : الحياة. اشتق من العُمران لأن مدة الحياة يَعْمُر بها الحي العالم الدنيوي. ويطلق العُمر على المدة الطويلة التي لو عاش المرء مقدارها لكان قد أخذ حظه من البقاء. وهذا هو المراد هنا بدليل تنكير ) عُمرا ( وليس المراد لبثت مدة عُمري، لأن عمره لم ينته بل المراد مدة قدْرها قدْر عُمُرٍ متعارَف، أي بقدر مدة عُمر أحد من الناس. والمعنى لبثت فيكم أربعين سنة قبل نزول القرآن.
وانتصب ) عمراً ( على النيابة عن ظرف الزمان، لأنه أريد به مقدار من الزمان.
واللبث : الإقامة في المكان مدة. وتقدم في قوله تعالى :( قال كم لبثتَ في سورة البقرة ( ٢٥٩ ).
والظرفية في قوله فيكم ( على معنى في جماعتكم، أي بيْنكم.
و ( قبل ) و ( بعد ) إذا أضيفاً للذوات كان المراد بعض أحوال الذات مما يدل عليه المقام، أي من قبللِ نزوله. وضمير ( قبله ) عائد إلى القرآن.
وتفريع جملة :( أفلا تعقلون ( على جملة الشرط وما تفرع عليها تفريع للإنكار والتعجب على نهوض الدليل عليهم، إذ قد ظهر من حالهم ما يجعلهم كمن لا يعقل.