" صفحة رقم ١٣٤ "
وأطلق على تأجيل الله عذابهم اسم المكر على وجه الاستعارة التمثيلية لأن هيئة ذلك التأجيل في خفائه عنهم كهيئة فعل الماكر، وحسنته المشاكلة كما تقدم في آية آل عمران.
وجملة :( إنّ رسلنا يكتبون ما تمكرون ( استئناف خطاب للمشركين مباشرة تهديداً من الله، فلذلك فصلت على التي قبلها لاختلاف المخاطب. وتأكيد الجملة لكون المخاطبين يعتقدون خلاف ذلك، إذ كانوا يحسبون أنهم يمكرون بالنبي ( ﷺ ) وأن مكرهم يتمشى عليه ولا يشعر به فأعلمهم الله بأن الملائكة الموكلين بإحصاء الأعمال يكتبون ذلك. والمقصود من هذا أن ذلك محصي معدود عليهم لا يهمل، وهو إنذار بالعذاب عليه، وهذا يستلزم علم الله تعالى بذلك.
وعبر بالمضارع في ) يكتبون ( و ) يمكرون ( للدلالة على التكرر، أي تتكرر كتابتهم كلما يتكرر مكرهم، فليس في قوله :( ما تمكرون ( التفات من الغيبة إلى الخطاب لاختلاف معادي الضميرين.
وقرأه الجمهور ) ما تمكرون ( بتاء الخطاب. وقرأه روح عن يعقوب ) ما يمكرون ( بياء الغائب، والضمير ل ) الناس ( في قوله :( وإذا أذقنا الناس رحمة ). وعلى هذه القراءة فالكلام موجه للنبيء ( ﷺ )
، ٢٣ ) ) هُوَ الَّذِى يُسَيِّرُكُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّو اْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَاذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّآ