" صفحة رقم ١٣٩ "
وكذلك قوله :( بغير الحق ( هو قيد كاشف لمعنى البغي، إذ البغي لا يكون بحق، فهو كالتقييد في قوله تعالى :( ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله ( ( القصص : ٥٠ ).
استئناف خطاب للمشركين وهم الذين يبغون في الأرض بغير الحق.
وافتُتح الخطاب ب ) يأيها الناس لاستصغاء أسماعهم. والمقصود من هذا تحذير المشركين ثم تهديدهم.
وصيغة قصر البغي على الكون مُضراً بهم كما هو مفاد حرف الاستعلاء تنبيه على حقيقة واقعية وموعظة لهم ليعلموا أن التحذير من الشرك والتهديد عليه لرعي صلاحهم لا لأنهم يضرونه كقوله : ولا تضروه شيئاً ( ( التوبة : ٣٩ ). فمعنى ( على ) الاستعلاء المجازي المكنَّى به عن الإضرار لأن المستعلي الغالب يضر بالمغلوب المستعلَى عليه، ولذلك يكثر أن يقولوا : هذا الشيء عليك، وفي ضده : هذا الشيء لك، كقوله :( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ( ( فصلت : ٤٦ ). ويقول المقر : لك عليّ كذا. وقال توبة بن الحمير :
وقد زعمت ليلى بأني فاجر
لنفسي تُقاها أو عليها فجورها
وقال السموأل اليهودي :
أليَ الفضل أمْ عليّ إذا حُو
سِبْتُ أني على الحساب مُقيت
وذلك أن ( على ) تدل على الإلزام والإيجاب، واللام تدل على الاستحقاق. وفي الحديث :( القرآنُ حجة لك أو عليك ).
فالمراد بالأنفس أنفس الباغين باعتبار التوْزيع بين أفراد معاد ضمير الجماعة المخاطبين في قوله :( بغيكُم ( وبين أفراد الأنفس، كما في قولهم :( ركب القوم دوابَّهم ) أي،