" صفحة رقم ١٤٧ "
والرهق : الغشيان. وفعله من باب فرح.
والقَتَرُ : لوْنٌ هو غُبرة إلى السواد. ويقال له قترة والذي تخلص لي من كلام الأيمة والاستعمال أن القترة لون يغشى جلدة الوجه من شدة البؤس والشقاء والخوففِ. وهو من آثار تهيج الكَبد من ارتجاف الفؤاد خوفاً وتوقعاً.
والذلة : الهوان. والمراد أثر الذلة الذي يبدو على وجه الذليل. والكلام مستعمل في صريحه وكنايته، أي لا تتشوه وجوههم بالقتر وأثر الذلة ولا يحصل لهم ما يؤثر القتر وهيئة الذلة.
وليس معنَى نفي القتر والذلة عنهم في جملة أوصافهم مديحاً لهم لأن ذلك لا يخطر بالبال وقوعاً بعد أن أثبت لهم الحسنى وزيادة بل المعنى التعريض بالذين لم يهدهم الله إلى صراط مستقيم وهم الذين كسبوا السيئات تعجيلاً للمساءة إليهم بطريق التعريض قبل التصريح الذي يأتي في قوله :( وتَرهقهم ذلة إلى قوله : مظلماً ( ( يونس : ٢٧ ).
وجملة :( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ( نتيجة للمقدمة، فبينها وبين التي قبلها كمال الاتصال ولذلك فصلت عنها ولم تعطف.
واسم الإشارة يرجع إلى ) الذين أحسنوا ). وفيه تنبيه على أنهم استحقوا الخلود لأجل إحسانهم نظير قوله :( أولئك على هدى من ربهم ( ( البقرة : ٥ ).
) ) وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ الَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (
عطف على جملة ) للذين أحسنوا الحسنى ( ( يونس : ٢٦ ). وعبر في جانب المسيئين بفعل ) كسبوا السيئات ( دون فعل أساءوا الذي عبر به في جانب الذين أحسنوا للإشارة إلى أن إساءتهم من فِعلهم وسعيهم فما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.


الصفحة التالية
Icon