" صفحة رقم ١٥٠ "
في صدر الجملة لأن ذلك اليوم لما كان هو زمن الحشر وأعماللٍ عظيمة أريد التذكير به تهويلاً وموعظة.
وانتصاب ) يوم نحشرهم ( إما على المفعولية بتقدير : اذْكر، وإما على الظرفية لفعل مقدر يدل عليه قوله :( ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ( والتقدير : ونقول للذين أشركوا مكانكم يوم نحشر الناس جميعاً. وضمير ) نحشرهم ( للذين تقدم الكلام عليهم وهم الذين أحسنوا والذين كسبوا السيئات. وقوله :( جميعاً ( حال من الضمير البارز في ) نحشرهم ( للتنصيص على إرادة عموم الضمير. وذلك أن الحشر يعم الناس كلهم. ومن نكت ذِكر حشر الجميع هُنا التنبيهُ على أن فظيعَ حال المشركين وافتضاحهم يكون بمرأى ومسمع من المؤمنين، فتكون السلامة من تلك الحالة زيادة في النعمة على المسلمين وتقوية في النكاية للمشركين.
والحشر : الجمع من أمكنة إلى مكان واحد. وتقدم في قوله تعالى :( وحشرنا عليهم كل شيء في سورة الأنعام ( ١١١ ).
وقوله : مكانَكم ( منصوب على المفعولية بفعل محذوف تقديره : الزموا مكانكم، واستعماله هذا شائع في كلام العرب في الأمر بالملازمة مع التزام حذف العامل فيه حتى صار بمنزلة أسماء الأفعال الموضوعة للأمر، نحو : صَهْ، ويقترن بضمير مناسب للمخاطب من إفراد وغيره، قال عمرو بن الأطنابة :
مكانَككِ تحمدي أو تستريحي
وأمرُهم بملازمة المكان تثقيف وحَبس. وإذ قد جمع فيه المخاطَبون وشركاؤهم عُلِم أن ذلك الحبس لأجل جريمة مشتركة بين الفريقين، وهي كون أحد الفريقين عابداً والآخرِ معبوداً.
وقوله :( أنتم ( تأكيد للضمير المتصل المقدر في الفعل المقدر، وهو المسوغ للعطف عليه وبهذا العطف صار الشركاء مأمورين باللبث في المكان.


الصفحة التالية
Icon