" صفحة رقم ١٧٤ "
والأمر بالنظر في عاقبة الظالمين مقصود منه قياس أمثالهم في التكذيب عليهم في ترقب أن يحل بهم من المصائب مثل ما حل بأولئك لتعلم عظمة ما يلاقونك به من التكذيب فلا تحسبن أنهم مفلتون من العذاب. والنظر هنا بصري.
و ) كيف ( يجوز أن تكون مجردة عن الاستفهام، فهي اسم مصدر للحالة والكيفية، كقولهم : كن كيف شئت. ومنه قوله تعالى :( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء في سورة آل عمران ( ٦ ). فكيف ( مفعول به لفعل ) انظر (، وجملة :( كان عاقبة الظالمين ( صفة ) كيف ). والمعنى انظر بعينك حالة صفتها كان عاقبة الظالمين، وهي حالة خراب منازلهم خراباً نشأ من اضمحلال أهلها.
ويجوز أن تكون ) كيف ( اسم استفهام، والمعنى فانظر هذا السؤال، أي جوابَ السؤال، أي تدَبره وتفكَّر فيه. و ) كيفَ ( خبر ) كان ). وفعل النظر معلق عن العمل في مفعوليه بما في ) كيف ( من معنى الاستفهام.
٤٠ ) ) وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (
عطف على جملة :( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ( ( يونس : ٣٩ ) لأن الإخبار عن تكذيبهم بأنه دون الإحاطة بعلم ما كذبوا به يقتضي أن تكذيبهم به ليس عن بصيرة وتأمل. وما كان بهاته المثابة كان حال المكذبين فيه متفاوتاً حتى يبلغ إلى أن يكون تكذيباً مع اعتقاد نفي الكذب عنه، ولذلك جاء موقع هذه الآية عقب الأخرى موقع التخصيص للعام في الظاهر أو البيان للمجمللِ من عدم الإحاطة بعلمه، كما تقدم بيانه في قوله :( بما لم يحيطوا بعلمه ( ( يونس : ٣٩ ). فكان حالهم في الإيمان بالقرآن كحالهم في اتباع الأصنام إذ قال فيهم :( وما يتبع أكثرهم