" صفحة رقم ٢٥٢ "
جاءهم موسى لقصد لفتهم عما وجدوا عليه آباءهم فكان ذلك محل الإنكار عندهم لأن تغيير ذلك يحسبونه إفساداً ) قال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ( ( الأعراف : ١٢٧ ). والإتيان بحرف ( على ) للدلالة على تمكن آبائهم من تلك الأحوال وملازمتهم لها.
وعطف ) وتكون لكما الكبرياء ( على الفعل المعلَّل به، والمعطوف هو العلة في المعنى لأنهم أرادوا أنهم تفطنوا لغرض موسى وهارون في مجيئهما إليهم بما جاءوا به، أي أنهما يحاولان نفعاً لأنفسهما لا صلاحاً للمدعوين، وذلك النفع هو الاستحواذ على سيادة مصر بالحيلة.
والكبرياء : العظمة وإظهار التفوق على الناس.
والأرض : هي المعهودة بينهم، وهي أرض مصر، كقوله :( يريد أن يخرجكم من أرضكم ( ( الأعراف : ١١٠ ). ولما كانوا ظنوا تطلبهما للسيادة أتوا في خطاب موسى بضمير المثنى المخاطب لأن هارون كان حاضراً فالتفتوا عن خطاب الواحد إلى خطاب الاثنين. وإنَّما شرّكوا هارون في هذا الظن من حيث إنه جاء مع موسى ولم يباشر الدعوة فظنوا أنه جاء معه لينال من سيادة أخيه حظاً لنفسه.
وجملة :( وما نحن لكما بمؤمنين ( عطف على جملة :( أجئتنا ). وهي في قوة النتيجة لتلك الجملة بما معها من العلة، أي لما تبين مقصدكما فما نحن لكما بمؤمنين. وتقديم ) لكما ( على متعلَّقه لأن المخاطبين هما الأهم من جملة النفي لأن انتفاء إيمانهم في زعمهم كان لأجل موسى وهارون إذ توهموهما متطلبي نفع لأنفسهما. فالمراد من ضمير التثنية ذاتاهما باعتبار ما انطويا عليه من قصد إبطال دين آباء القبط والاستيلاء على سيادة بلادهم.
وصيغت جملة :( وما نحن لكما بمؤمنين ( اسمية دون أن يقولوا وما نؤمن لكُما لإفادة الثبات والدوام وأن انتفاء إيمانهم بهما متقرر متمكن لا طماعية لأحد في ضده.