" صفحة رقم ٢٧٦ "
وجملة : تفيد أنه لم يسعه إلا الإيمان بالله لأنه قهرته أدلة الإيمان. وهذه مستفادة من ربط جملة إيمانه بالظرف في قوله :( إذا أدركه الغرق ). وهذه منقبة للإيمان وأن الحق يغلب الباطل في النهاية.
وجملة : تفيد أنه مَا آمن حتى أيس من النجاة لتصلبه في الكفر ومع ذلك غلبه الله. وهذه موعظة للكافرين وعزة لله تعالى.
وقد بُني نظم الكلام على جملة :( إذا أدركه الغرق (، وجعل ما معها كالوسيلة إليها، فجعلت ( حتى ) لبيان غاية الإتْبَاع وجعلت الغاية أن قال :( آمنتُ ( لأن إتباعه بني إسرائيل كان مندفعاً إليه بدافع حنقه عليهم لأجل الدين الذي جاء به رسولهم ليخرجهم من أرضه، فكانت غايتُه إيمانَه بحقهم. ولذلك قال :( الذي آمنت به بنو إسرائيل ( ليفيد مع اعترافه بالله تصويبه لبني إسرائيل فيما هُدوا إليه، فجعل الصلة طريقاً لمعرفته بالله، ولعدم علمه بالصفات المختصة بالله إلا ما تضمنته الصلة إذ لم يتبصر في دعوة موسى تمام التبصر، ولذلك احتاج أن يزيد ) وأنا من المسلمين ( لأنه كان يسمع من موسى دعوتَه لأنْ يكون مسلماً فنطق بما كان يسمعه وجعل نفسه من زمرة الذين يحق عليهم ذلك الوصف، ولذلك لم يقل : أسلمتُ، بل قال أنا من المسلمين، أي يلزمني ما التزموه. جاء بإيمانه مجملاً لضيق الوقت عن التفصيل ولعدم معرفته تفصيله.
وسيأتي قريباً في تفسير الآية التي بعد هذه تحقيق صفة غرق فرعون، وما كان في بقاء بدنه بعد غرقه.
وقرأ الجمهور ) آمنتُ أَنه ( بفتح همزة ( أنه ) على تقدير باء الجر محذوفة. وقرأه حمزة والكسائي وخلف بكسر الهمزة على اعتبار ( إنّ ) واقعة في أول جملة، وأنّ جملتها بدل من جملة ) آمنت ( بحذف متعلق فعل ) آمنت ( لأن جملة البدل تدل عليه.


الصفحة التالية
Icon