" صفحة رقم ٧٨ "
وقال ابن عطية : قالت فرقة : نزل نحو من أربعين آية من أولها بمكة ونزل باقيها بالمدينة. ولم ينسبه إلى معيّن. وأحسب أن هذه الأقوال ناشئة عن ظن أن ما في القرآن من مجادلة مع أهل الكتاب لم ينزل إلا بالمدينة، فإن كان كذلك فظن هؤلاء مخطىء. وسيأتي التنبيه عليه.
وعدد آيها مائة وتسع آيات في عد أكثر الأمصار، ومائة وعشر في عد أهل الشام.
وهي السورة الحادية والخمسون في ترتيب نزول السور. نزلت بعد سورة بني إسرائيل وقبل سورة هود. وأحسب أنها نزلت سنة إحدى عشرة بعد البعثة لما سيأتي عند قوله تعالى :( وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مسّتهم إذا لهم مكر في آياتنا ( ( يونس : ٢١ ).
أغراض السُّورة
ابتدئت بمقصد إثبات رسالة محمد ( ﷺ ) بدلالة عجز المشركين عن معَارضة القرآن، دلالة نبه عليها بأسلوب تعريضي دقيق بني على الكناية بتهجية الحروف المقطعة في أول السورة كما تقدم في مفتتح سورة البقرة، ولذلك أتبعت تلك الحروف بقوله تعالى :( تلك آيات الكتاب الحكيم ( ( يونس : ١ ) إشارة إلى أن إعجازه لهم هو الدليل على أنه من عند الله. وقد جاء التصريح بما كني عنه هنا في قوله :( قل فأتوا بسورة مثله ( ( يونس : ٣٨ ).
وأتبع بإثبات رسالة محمد ( ﷺ ) وإبطال إحالة المشركين أن يرسل اللّهُ رسولاً بشراً.
وانتُقل من ذلك إلى إثبات انفراد الله تعالى بالإلهية بدلالة أنه خالق العالم ومدبره، فأفضى ذلك إلى إبطال أن يكون لله شركاء في إلهيته، وإلى إبطال معاذير المشركين بأن أصنامهم شفعاء عند الله.


الصفحة التالية
Icon