" صفحة رقم ٨١ "
أمكنه ذلك ولأن الخوض في شأنها هو حديث الناس في نواديهم وأسمارهم وشغلهم وجدالهم، فكانت بحيث تتبادر إلى الأذهان عند ورود الإشارة إليها.
واسمُ الإشارة يُفسر المقصودَ منه خبرُه وهو ) آيات الكتاب الحكيم ( كما فسره في قوله تعالى :( فهذا يومُ البعث ( ( الروم : ٥٦ ) وقوله تعالى :( قال هذا فراقُ بيني وبينك ( ( الكهف : ٧٨ ). قال في ( الكشاف ) : تصَوَّر فراقاً بينهما سيقع قريباً فأشار إليه بهذا.
وقد تقدم شيء من هذا المعنى عند قوله تعالى :( ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده في سورة الأنعام ( ٨٨ ). فالمقصود من الإشارة إما الحث على النظر في آيات القرآن ليتبين لهم أنه من عند الله ويعلموا صدق من جاءهم به. وإما إقناعهم من الآيات الدالة على صدق النبي بآيات الكتاب الحكيم فإنهم يسألون النبي آيةً على صدقه، كما دل عليه قوله في هذه السورة ( يونس : ١٥ ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائتتِ بقرآن غير هذا أو بَدله ( فقيل لهم ) تلك آيات الكتاب الحكيم (، أي ما هو آية واحدة بل آيات كثيرة، فإن الإعجاز حاصل بكل سورة منه.
ولأنه اشتمل على الحقائق السامية والهدى إلى الحق والحكمة ؛ فرجل أمي ينشأ في أمة جاهلة يجيء بمثل هذا الهدى والحكمة لا يكون إلا موحى إليه بوحي إلهي، كما دل عليه قوله تعالى :( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارْتاب المبطلون ( ( العنكبوت : ٤٨ ).
وعليه فاسم الإشارة مبتدأ و ) آيات ( خبره. وإضافة ) آيات ( إلى ) الكتاب ( إضافة شبيهة بالبيانية وإن كان الكتاب بمنزلة الظرف للآيات باختلاف الاعتبار، وهو معنى الإضافة البيانية عند التحقيق.
ويجوز أن تجعل الإشارة ب ) تلك ( إلى حروف ) ألر ( لأن المختار في الحروف المقطعة في فواتح السور أن المقصود من تعدادها التحدي بالإعجاز، فهي بمنزلة التهجي للمتعلم. فيصح أن يجعل ( ألر ) في محل ابتداء ويكون اسم الإشارة خبراً عنه. والمعنى تلك الحروف


الصفحة التالية
Icon