" صفحة رقم ١٩٩ "
وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وإن كان هذا قد أسلم بعد وحسن إسلامه، فإن وقع أذى الأقارب في النفوس أشد من وقع أذى البعداء، كما قال طرفة :
وظلم ذوي القربى أشد مَضاضة
على المرء من وقع الحسام المهنّد
قال تعالى : لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ( سورة يوسف : ٧ ).
وفيها العبرة بصبر الأنبياء مثل يعقوب ويوسف عليهم السّلام على البلوى. وكيف تكون لهم العاقبة.
وفيها العبرة بهجرة قوم النبي إلى البلد الذي حلّ به كما فعل يعقوب عليه السّلام وآله، وذلك إيماء إلى أنّ قريشاً ينتقلون إلى المدينة مهاجرين تبعاً لهجرة النبي.
وفيها من عبر تاريخ الأمم والحضارة القديمة وقوانينها ونظام حكوماتها وعقوباتها وتجارتها. واسترقاق الصبي اللقيط. واسترقاق السارق، وأحوال المساجين. ومراقبة المكاييل.
وإن في هذه السورة أسلوباً خاصاً من أساليب إعجاز القرآن وهو الإعجاز في أسلوب القصص الذي كان خاصّة أهل مكّة يعجبون ممّا يتلقّونه منه من بين أقاصيص العجم والروم، فقد كان النضر بن الحارث وغيره يَفْتنون قريشاً بأنّ ما يقوله القرآن في شأن الأمم هو أساطير الأوّلين اكتتبها محمّد.
وكان النضْر يتردّد على الحِيرة فتعلّم أحاديث ( رستم ) و ( اسفنديار ) من أبطال فارس، فكان يحدّث قريشاً بذلك ويقول لهم : أنَا والله أحْسَنُ حديثاً من محمّد فَهَلمّ أحَدّثكم أحْسَنَ من حديثه، ثم يحدّثهم بأخبار الفرس، فكان ما في بعضها من التّطويل على عادة أهل الأخبار من الفرس يموّه به عليهم بأنّه