" صفحة رقم ٢٣٧ "
ومعنى فأكله الذئب ( قتله وأكل منه، وفعل الأكل يتعلق باسم الشيء. والمراد بعضه. يقال أكلَه الأسد إذا أكل منه. قال تعالى :( وما أكل السّبع ( سورة المائدة : ٣ ) عطفاً على المنهيات عن أن يؤكل منها، أي بقتلها.
ومن كلام عمر حين طعنه أبو لؤلؤة أكلني الكلب، أي عضّني.
والمراد بالذئب جمع من الذئاب على ما عرفت آنفاً عند قوله : وأخاف أن يأكله الذئب ( سورة يوسف : ١٣ ) ؛ بحيث لم يترك الذئاب منه، ولذلك لم يقولوا فدفنّاه.
وقوله : وما أنت بمؤمن لنا ( خبر مستعمل في لازم الفائدة. وهو أن المتكلم علم بمضمون الخبر. وهو تعريض بأنهم صادقون فيما ادّعوه لأنهم يعلمون أباهم لا يصدقهم فيه، فلم يكونوا طامعين بتصديقه إياهم.
وفعل الإيمان يعدّى باللام إلى المصدّق بفتح الدال كقوله تعالى :( فآمن له لوطٌ ( سورة العنكبوت : ٢٦ ). وتقدم بيانه عند قوله تعالى : فما آمن لموسى إلا ذريةٌ من قومه في سورة يونس ( ٨٣ ).
وجملة ولو كنا صادقين ( في موضع الحال فالواو واو الحال. ) ولو ( اتصالية، وهي تفيد أنه مضمون ما بعدها هو أبعد الأحوال عن تحقق مضمون ما قبلها في ذلك الحال. والتقدير : وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين في نفس الأمر، أي نحن نعلم انتفاء إيمانك لنا في الحالين فلا نطمع أن نموّه عليك.
وليس يلزم تقدير شرط محذوف هو ضد الشرط المنطوق به لأن ذلك تقدير لمجرد التنبيه على جعل الواو للحال مع ( لو وإن ) الوصليتين وليس يستقيم ذلك التقدير في كل موضع، ألا ترى قول المعري :
وإني وإن كنتُ الأخيّر زمانه
لآتتٍ بما لم تستطعه الأوائل
كيف لا يستقيم تقدير إني إن كنت المتقدم زمانه بل وإن كنت الأخيرَ زمانه. فشرط ( لو ) الوصلية و ( إن ) الوصلية ليس لهما مفهومُ مخالفة،