" صفحة رقم ٢٤٣ "
منهم لأنهم توسموا منه مخائل أبناء البيوت، وكان الشأن أن يعرّفوا من كان قريباً من ذلك الجب ويعلنوا كما هو الشأن في التعريف باللّقطة، ولذلك كان قوله :( وأسرّوه ( مشعراً بأن يوسف عليه السّلام أخبرهم بقصته، فأعرضوا عن ذلك طمعاً في أن يبيعوه. وذلك من فقدان الدين بينهم أو لعدم العمل بالدين.
و ) بضاعةً ( منصوب على الحال المقدّرة من الضمير المنصوب في ) أسرّوه (، أي جعلوه بضاعة. والبضاعة : عروض التجارة ومتاعها، أي عزموا على بيعه.
وجملة ) والله عليم بما يعملون ( معترضة، أي والله عليم بما يعملون من استرقاق من ليس لهم حقّ في استرقاقه، ومن كان حقّه أن يسألوا عن قومه ويبلغوه إليهم، لأنهم قد علموا خبره، أو كان من حقهم أن يسْألوه لأنه كان مستطيعاً أن يخبرهم بخبره.
وفي عثور السيارة على الجب الذي فيه يوسف عليه السّلام آية من لطف الله به.
) ) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَاهِدِينَ ).
معنى ) شروه ( باعوه. يقال : شرى كما يقال : باع، ويقال : اشترى كما يقال : ابتاع. ومثلهما رَهن وارتهن، وعاوض واعتاض، وكَرى واكترى.
والأصل في ذلك وأمثاله أن الفعل للحدث والافتعال لمطاوعة الحدث.
ومن فسر ) شروه ( باشتروه أخطأ خطأ أوقعه فيه سوء تأويل قوله :( وكانوا فيه من الزاهدين ). وما ادّعاه بعض أهل اللغة أن شرى واشترى مترادفان في معنييهما يغلب على ظني أنه وَهَم إذ لا دليل يدل عليه.


الصفحة التالية
Icon