" صفحة رقم ٢٥٥ "
يوشك أن يلابس شيئاً. والتعبير عن العصمة بالصرف يشير إلى أن أسباب حصول السوء والفحشاء موجودة ولكن الله صرفهما عنه.
والسوء : القبيح، وهو خيانة من ائتمنه. والفحشاء : المعصية، وهي الزنى. وتقدم السوء والفحشاء عند قوله تعالى :( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء ( في سورة البقرة ( ١٦٩ ). ومعنى صرفهما عنه صرف ملابسته إياهما.
وجملة ) إنه من عبادنا المخلصين ( تعليل لحكمة صرفه عن السوء والفحشاء الصرف الخارق للعادة لئلا ينتقص اصطفاء الله إياه في هذه الشدة على النفس.
قرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف ) المخلَصين ( بفتح اللام أي الذين أخلصهم الله واصطفاهم. وقرأه ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب بكسر اللام على معنى المخلصين دينهم لله. ومعنى التعليل على القراءتين واحد.
والاستباق : افتعال من السبْق. وتقدم آنفاً، وهو هنا إشارة إلى تكلفهما السبق، أي أن كل واحد منهما يحاول أن يكون هو السابق إلى الباب.
وانتصب ) الباب ( على نزع الخافض. وأصله : واستبقا إلى الباب، مثل ) واختار موسى قومَه سبعين رجلاً ( سورة الأعراف : ١٥٥ )، أي من قومه، أو على تضمين استبقا ( معنى ابتدرا.
والتعريف في ( الباب ) تعريف الجنس إذ كانت عدة أبواب مغلقة. وذلك أن يوسف عليه السّلام فرّ من مراودتها إلى الباب يريد فتحه والخروج وهي تريد أن تسبقه إلى الباب لتمنعه من فتحه.
وجملة ) وقدّت قميصه ( في موضع الحال. و ) قدت ( أي قطعت، أي قطعت منه قداً، وذلك قبل الاستباق لا محالة. لأنه لو كان تمزيق القميص في حال الاستباق لم تكن فيه قرينة على صدق يوسف عليه السّلام أنها راودته، إذ لا يدل التمزيق في حال الاستباق على أكثر من أن يوسف عليه السّلام سبقها مسرعاً إلى الباب، فدل على أنها أمسكته من قميصه حين أعرض عنها تريد