" صفحة رقم ٢٦١ "
ومجيء تراود ( بصيغة المضارع مع كون المراودة مضت لقصد استحضار الحالة العجيبة لقصد الإنكار عليها في أنفسهن ولومها على صنيعها. ونظيره في استحضار الحالة قوله تعالى :( يجادلنا في قوم لوط ( سورة هود : ٧٤ ).
وجملة قد شغفها حباً ( في موضع التعليل لجملة ) تراود فتاها ).
وجملة ) إنا لنراها في ضلال مبين ( استئناف ابتدائي لإظهار اللوم والإنكار عليها. والتأكيد ب ( إنّ ) واللام لتحقيق اعتقادهِن ذلك، وإبعاداً لتهمتهن بأنهن يحسدنها على ذلك الفتى.
والضلال هنا : مخالفة طريق الصواب، أي هي مفتونة العقل بحب هذا الفتى، وليس المراد الضلال الديني. وهذا كقوله تعالى آنفاً :( إن أبانا لفي ضلال مبين ( سورة يوسف : ٨ ).
٣١، ٣٢ ) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا وَءَاتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مَّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هَاذَا بَشَرًا إِنْ هَاذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ قَالَتْ فَذالِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ ءَامُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّن الصَّاغِرِينَ ).
حقّ سمع أن يعدّى إلى المسموع بنفسه، فتعديته بالباء هنا إما لأنه ضمن معنى أخْبِرت، كقول المثل :( تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ) أي تخبر عنه. وإما أن تكون الباء مزيدة للتوكيد مثل قوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم ( سورة المائدة : ٦ ).