" صفحة رقم ٢٦٦ "
وعبّر عما عرضته المرأة بالموصولية لما في الصلة من الإيماء إلى كون المطلوب حالة هي مظنة الطواعية، لأن تمالىء الناس على طلب الشيء من شأنه أن يوطن نفس المطلوب للفعل، فأظهر أن تمالئهن على طلبهن منه امتثالَ أمْر المرأة لم يَفُلّ من صارم عزمه على الممانعة، وجعل ذلك تمهيداً لسؤال العصمة من الوقوع في شَرك كيدهن، فانتقل من ذكر الرضى بوعيدها إلى سؤال العصمة من كيدها.
وأسند فعل ) يدعونني ( إلى نون النسوة، فالواو الذي فيه هو حرف أصلي وليست واو الجماعة، والنون ليست نون رفع لأنه مبني لاتصاله بنون النسوة، ووزنه يفعُلْنَ. وأسند الفعل إلى ضمير جمع النساء مع أنّ التي دعته امرأة واحدة، إما لأن تلك الدعوة من رغبات صنف النساء فيكون على وزان جمع الضمير في ) كيدهن (، وإما لأنّ النسوة اللاّتي جمعتهن امرأة العزيز لما سمعن كلامها تمَالأن على لوم يوسف عليه السّلام وتحريضه على إجابة الداعية، وتحذيره من وعيدها بالسجن. وعلى وزان هذا يكون القول في جمع الضمير في ) كيدهن ( سورة يوسف : ٢٨ ) أي كيد صنف النساء، مثل قول العزيز إنّ كيدكنّ عظيم (، أي كيد هؤلاء النسوة.
وجملة ) وإلاّ تصرف عني كيدهن ( خبر مستعمل في التخوّف والتوقع التجاء إلى الله وملازمة للأدب نحو ربه بالتبرؤ من الحَول والقوة والخشية من تقلب القلب ومن الفتنة بالميل إلى اللذة الحرام. فالخبر مستعمل في الدعاء، ولذلك فرع عنه جملة ) فاستجاب له ربّه ).
ومعنى ) أصبُ ( أمِلْ. والصبو : الميل إلى المحبوب.
والجاهلون : سفهاء الأحلام، فالجهل هنا مقابِل الحلم. والقول في أن مبالغة ) أكن من الجاهلين ( أكثرُ من أكن جاهلاً كالقول في ) وليكوناً من الصاغرين ( سورة يوسف : ٣٢ ).