" صفحة رقم ٢٨٨ "
٥٠ ) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِى بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّاتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ).
قال الملك : ائتوني به لما أبلغه الساقي صورة التعبير. والخطاب للملأ ليرسلوا مَن يعينونه لجلبه. ولذلك فرع عليه ) فلما جاءه الرسول ). فالتقدير : فأرسلوا رسولاً منهم. وضميرا الغائب في قوله :( به ( وقوله :( جاءه ( عائدان إلى يوسف عليه السّلام. وضمير ) قال ( المستتر كذلك.
وقد أبى يوسف عليه السّلام الخروج من السجن قبل أن تثبت براءته مما رمي به في بيت العزيز، لأن ذلك قد بلغ الملك لا محالة لئلا يكون تبريزه في التعبير الموجب لإطلاقه من السجن كالشفيع فيه فيبقى حديث قرفه بما قرف به فاشياً في الناس فيتسلق به الحاسدون إلى انتقاص شأنه عند الملك يوماً ما، فإن تبرئة العرض من التهم الباطلة مقصد شرعي، وليكون حضوره لدى الملك مرموقاً بعين لا تنظر إليه بشائبة نقص.
وجعل طريق تقرير براءته مفتتحةً بالسؤال عن الخبر لإعادة ذكره من أوله، فمعنى ) فاسألْه ( بلَغ إليه سؤالاً من قِبلي. وهذه حكمة عظيمة تحق بأن يؤتسى بها. وهي تطلب المسجون باطلاً أن يَبقى في السجن حتى تتبين براءته من السبب الذي سجن لأجله، وهي راجعة إلى التحلي بالصبر حتى يظهر النصر.
وقال النبي ( ﷺ ) ( لو لبثت ما لبث يوسف في السجن لأجبت الداعي )، أي داعيَ الملك وهو الرسول الذي في قوله تعالى :( فلما جاءه الرسول (، أي لما راجعت الملك. فهذه إحدى الآيات والعبر التي أشار إليها قوله تعالى :( لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ( سورة يوسف : ٧ ).


الصفحة التالية
Icon