" صفحة رقم ١٠٢ "
فذكرهم الله بنعمته عليهم ونبههم إلى أنّ زوالها لا يكون إلاّ بسبب أعمالهم السيّئة بعد ما أنذرهم ودعاهم.
والتغيير : التبديل بالمُغاير، فلا جرم أنه تديد لأولي النعمة من المشركين بأنهم قد تعرضوا لتغييرها. فما صدقُ ما إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُو ءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ( الموصولة حالة، والباء للملابسة، أي حالة ملابسة لقوم، أي حالة نعمة لأنها محل التحذير من التغيير، وأما غيرها فتغييره مطلوب. وأطلق التغيير في قوله :( حتى يغيروا ( على التسبب فيه على طريقة المجاز العقلي.
وجملة ) وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له ( تصريح بمفهوم الغاية المسْتفاد من ) حتى يغيروا ما بأنفسهم ( تأكيداً للتحذير. لأن المقام لكونه مقام خوف ووجل يقتضي التصريح دون التعريض ولا ما يقرب منه، أي إذا أراد الله أن يغيّر ما بقوم حين يغيرون ما بأنفهسم لا يَردّ إرادته شيء. وذلك تحذير من الغرور أن يقولوا : سنسترسل على ما نحن فيه فإذا رأينا العذاب آمنا. وهذا كقوله :( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس ( سورة يونس : ٩٨ ) الآية.
وجملة وما لهم من دونه من وال ( زيادة في التحذير من الغرور لئلا يحسبوا أن أصنامهم شفعاؤهم عند الله.
والوالي : الذي يلي أمر أحد، أي يشتغل بأمره اشتغال تدبير ونفع، مشتق من ولي إذا قَرب، وهو قرب ملابسة ومعالجة.
وقرأ الجمهور ) من وال ( بتنوين ) وال ( دون ياء في الوصل والوقف. وقرأه ابن كثير بياء بعد اللام وقفا فقط دون الوصل كما علمته في قوله تعالى ) ومن يضلل الله فما له من هاد في هذه السورة الرعد ( ٣٣ ).
، ١٣ ) ) هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلْائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ


الصفحة التالية
Icon