" صفحة رقم ١١٠ "
وبينت هذه الجملة الثانية حال خيبة الداعي بالتصريح عقب تبْيينه بالكناية. فباختلاف الغرض والأسلوب حَسنُ العطف، وبالمآل حصل توكيد الجملة الأولى وتقريرُها وكانت الثانية كالفذلكة لتفصيل الجملة الأولى.
والضلال : التلف والضياع. و ) في ( للظرفية المجازية للدلالة على التمكن في الوصف، أي إلا ضائع ضَياعاً شديداً.
) ) وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالاَْصَالِ (
عطف على جملة ) له دعوة الحق ( سورة الرعد : ١٤ ) أي له دعوة الحق وله يسجد من في السماوات والأرض وذلك شعار الإلهية، فأما الدعوة فقد اختص بالحقة منها دون الباطلة، وأما السجود وهو الهويّ إلى الأرض بقصد الخضوع فقد اختص الله به على الإطلاق، لأن الموجودات العليا والمؤمنين بالله يسجدون له، والمشركين لا يسجدون للأصنام ولا لله تعالى، ولعلهم يسجدون لله في بعض الأحوال.
وعدل عن ضمير الجلالة إلى اسمه تعالى العَلَم تبعاً للأسلوب السابق في افتتاح الأغراض الأصلية.
والعموم المستفاد من مَن ( الموصولة عموم عرفي يراد به الكثرة الكاثرة.
والمقصود من ) طوعاً وكرهاً ( تقسيم أحوال الساجدين. والمراد بالطوع الانسياق من النفس تقرّباً وزُلفى لمحض التعظيم ومحبة الله. وبالكَره الاضطرار عند الشدة والحاجة كما في قوله تعالى :( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ( سورة النحل : ٥٣ ). ومنه قولهم : مُكره أخُوك لا بَطل، أي مضطر إلى المقاتلة