" صفحة رقم ١٢١ "
لما فيه من خفي البشارة والنذارة، ولأنه تمام التمثيل. والتقدير : فذهب الزبد جُفاء ومكُث ما ينفع الناس في الأرض.
والجُفاء : الطريح المرميُّ، وهذا وعيد للمشركين بأنهم سيبيدون بالقتل ويبقى المؤمنون.
وعبر عن الماء بما ينفع الناس للإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو البقاء في الأرض تعريضاً للمشركين بأن يعرضوا أحوالهم على مضمون هذه الصلة ليعلموا أنهم ليسوا ما ينفع الناس، وهذه الصلة موازنة للوصف في قوله تعالى :( إن الأرض يرثها عبادي الصالحون ( سورة الأنبياء : ١٠٥ ).
واكتفي بذكر وجه شبه النافع بالماء وغير النافع بالزبد عن ذكر وجه شَبَه النافع بالذهب أو الفضة وغير النافع بزبدهما استغناء عنه.
وجملة كذلك يضرب الله الأمثال ( مستأنفة تذييلية لما في لفظ ) الأمثال ( من العموم. فهو أعم من جملة ) كذلك يضرب الله الحق والباطل ( لدلالتها على صنف من المثل دون جميع أصنافه فلما أعقب بمثل آخر وهو ) فأما الزبد فيذهب جفاء ( جيء بالتنبيه إلى الفائدة العامة من ضرب الأمثال. وحصل أيضاً توكيد جملة ) كذلك يضرب الله الحق والباطل ( لأن العام يندرج فيه الخاص.
فإشارة ) كذلك ( إلى التمثيل السابق في جملة ) أنزل من السماء ماء ( أي مثل ذلك الضَرْب البديع يضرب الله الأمثال، وهو المقصود بهذا التذييل.
والإشارة للتنويه بذلك المثل وتنبيه الأفهام إلى حكمته وحكمة التمْثيل، وما فيه من المواعظ والعبر، وما جمعه من التمثيل والكناية التعريضية، وإلى بلاغة القرآن وإعجازه، وذلك تبهيج للمؤمنين وتحدّ للمشركين، وليعلم أن جملة ) فأما الزبد فيذهب جفاء ( لم يؤت بها لمجرد تشخيص دقائق القدرة الإلهية والصنع البديع بل ولضرب المثَل، فيعلمَ لممثّل له بطريق التعريض بالمشركين


الصفحة التالية
Icon