" صفحة رقم ١٢٣ "
وأما الخبر عن وعيد الذين لم يستجيبوا فقد أجري على أصل نظم الكلام في التقديم والتأخير لقلة الاكتراث بهم. وتقدم نظير قوله :( لو أن لهم ما في الأرض جميعاً في سورة العقود ( ٣٦ ).
وأتي باسم الإشارة في أولئك لهم سوء الحساب ( للتنبيه على أنهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من الخبر بسبب ما قبل اسم الإشارة من الصلة.
و ) سوء الحساب ( ما يحف بالحساب من إغلاظ وإهانة للمحساب. وأما أصل الحساب فهو حسن لأنه عدل.
) ) أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (
تفريع على جملة ) للذين استجابوا لربهم الحسنى الآية ( سورة الرعد : ١٣ ). فالكلام لنفي استواء المؤمن والكافر في صورة الاستفهام تنبيهاً على غفلة الضالّين عن عدم الاستواء، كقوله : أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ( سورة السجدة : ١٨ ).
واستعير لمن لا يعلم أنّ القرآن حق اسمُ الأعمى لأنه انتفى علمه بشيء ظاهر بيّن فأشبه الأعمى، فالكاف للتشابه مستعمل في التماثل. والاستواء المراد به التماثل في الفضل بقرينة ذكر العَمَى. ولهذه الجملة في المعنى اتصال بقوله في أول السورة والذي أنزل إليك من ربك الحق إلى يؤمنون ( سورة الرعد : ١ ).
وجملة إنما يتذكر أولوا الألباب ( تعليل للإنكار الذي هو بمعنى الانتفاء بأن سبب عدم علمهم بالحق أنهم ليسوا أهلاً للتذكر لأن التذكر من شعار أولي الألباب، أي العقول.
والقصر ب ) إنما ( إضافي، أي لا غيرُ أولي الألباب، فهو تعريض بالمشركين بأنهم لا عقول لهم إذ انتفت عنهم فائدة عقولهم.