" صفحة رقم ١٤١ "
واختيار اسم ( الرحمن ) من بين أسمائه تعالى لأن كفرهم بهذا الاسم أشد لأنهم أنكروا أن يكون اللّهُ رحمان. قال تعالى :( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمن في سورة الفرقان ( ٦٠ )، فأشارت الآية إلى كفرين من كفرهم : جحدِ الوحدانية، وجحدِ اسم الرحمن ؛ ولأن لهذه الصفة مزيد اختصاص بتكذيبهم الرسول عليه الصلاة والسلام وتأييده بالقرآن لأن القرآن هُدًى ورحمة للناس. وقد أرادوا تعويضه بالخوارق التي لا تكسب هدْياً بذاتها ولكنها دالة على صدق من جاء بها.
قال مقاتل وابن جريج : نزلت هذه الآية في صلح الحديبية حين أرادوا أن يكتبوا كتاب الصلح فقال النبي للكاتب اكتب بِسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عَمرو : ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة، يعني مسيلمة، فقال النبي اكتب باسمك اللّهم. ويبعده أن السورة مكية كما تقدم.
وعن ابن عباس نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن فنزلت.
وقد لقن النبي بإبطال كفرهم المحكي إبطالاً جامعاً بأن يقول : هو ربي (، فضمير ) هو ( عائد إلى ( الرحمن ) باعتبار المسمى بهذا الاسم، أي المسمى هو ربي وأن الرحمن اسمه.
وقوله :( لا إلاه إلا هو ( إبطال لإشراكهم معه في الإلهية غيره. وهذا مما أمر الله نبيه أن يقوله، فهو احتراس لرد قولهم : إن محمداً ( ﷺ ) يدعو إلى رب واحد وهو يقول : إن ربه الله وإن ربه الرحمن، فكان قوله :( لا إلاه إلا هو ( دالاً على أن المدعو بالرحمان هو المدعو بالله إذ لا إلاه إلا إلاهٌ واحد، فليس قوله :( لا إلاه إلا هو ( إخباراً من جانب الله على طريقة الاعتراض.