" صفحة رقم ١٤٣ "
ويجوز أن تكون معترضة بين جملة ) قل هو ربي ( وبين جملة ) أفمن هو قائم على كل نفس ( سورة الرعد : ٣٣ ) كما سيأتي هنالك. ويجوز أن تكون محكية بالقول عطفاً على جملة هو ربي لا إلاه إلا هو ).
والمعنى : لو أن كتاباً من الكتب السالفة اشتمل على أكثر من الهداية فكانت مصادر لإيجاد العجائب لكان هذا القرآن كذلك ولكن لم يكن قرآنٌ كذلك، فهذا القرآن لا يتطلب منه الاشتمال على ذلك إذ ليس ذلك من سُنن الكتب الإلهية.
وجواب ) لو ( محذوف لدلالة المقام عليه. وحذفُ جواب ) لو ( كثير في القرآن كقوله :( ولو ترى إذ وقفوا على النار ( سورة الأنعام : ٢٧ ) وقوله : ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم ( سورة السجدة : ١٢ ).
ويفيد ذلك معنى تعريضياً بالنداء عليهم بنهاية ضلالتهم، إذ لم يهتدوا بهدي القرآن ودلائله والحال لو أن قرآناً أمَر الجبال أن تسير والأرض أن تتقطع والموتى أن تتكلم لكان هذا القرآن بالغاً ذلك ولكن ذلك ليس من شأن الكتب، فيكون على حدّ قول أبَيّ بن سُلْمَى من الحماسة :
ولو طَارَ ذو حافر قَبلها
لطارتْ ولكنه لم يَطِر
ووجه تخصيص هذه الأشياء الثلاثة من بين الخوارق المفروضة ما رواه الواحدي والطبري عن ابن عباس : أن كفار قريش، أبا جهل وابن أبي أميّة وغيرهما جلسوا خلف الكعبة ثم أرسلوا إلى النبي فقالوا : لو وسّعْت لنا جبال مكّة فسيرتها حتى تتسع أرضنا فنحتَرثهما فإنها ضيقة، أو قرّب إلينا الشام فإنا نتجر إليها، أو أخرج قصَياً نكلمه.
وقد يؤيد هذه الرواية أنه تَكرر فرض تكليم الموتى بقوله في سورة الأنعام ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى ( سورة الأنعام : ١١١ )، فكان في ذكر


الصفحة التالية
Icon