" صفحة رقم ١٤٥ "
وييأس ( بمعنى يوقن ويعلم، ولا يستعمل هذا الفعل إلا مع ) أن ( المصدرية، وأصله مشتق من اليَأس الّذي هو تيقّن عدم حصول المطلوب بعد البحث، فاستعمل في مطلق اليقين على طريقة المجاز المرسل بعلاقة اللزوم لتضمن معنى اليأس معنى العلم وشاع ذلك حتى صار حقيقة، ومنه قول سُحَيم بن وَثيل الرياحي :
أقول لهم بالشّعْب إذ يَيْسَرُونَنِي
ألم تأيسوا أني ابنُ فارس زهدم
وشواهد أخرى.
وقد قيل : إن استعمال يَئِس بمعنى عَلِم لغة هَوازن أو لغة بنِي وَهْبيل ( فخذ من النخَع سمي باسم جَد ). وليس هنالك ما يلجىء إلى هذا. هذا إذا جعل ) أن لو يشاء الله ( مفعولاً ل ) ييأس ). ويجوز أن يكون متعلق ) ييأسْ ( محذوفاً دل عليه المقام. تقديره : مِن إيمان هَؤلاء، ويكونَ ) أن لو يشاء الله ( مجروراً بلام تعليل محذوفة. والتقدير : لأنه لو يشاء الله لهدى الناس، فيكون تعليلاً لإنكار عَدَم يأسهم على تقدير حصوله.
) وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِىَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ).
معطوفة على جملة ) ولو أن قرآناً سيرت به الجبال ( على بعض الوجوه في تلك الجملة. وهي تهديد بالوعيد على تعنتهم وإصرارهم على عدم الاعتراف بمعجزة القرآن، وتهكمهم باستعجال العذاب الذي توعدوا به، فهددوا بما سيحلّ بهم من الخوف بحلول الكتائب والسرايا بهم تنال الذين حلّت فيهم وتخيف من حولهم حتى يأتي وعد الله بيوم بدر أو فتح مكّة.