" صفحة رقم ١٥٢ "
أنزل الله بها من سلطان ( سورة يوسف : ٤٠ ) وقوله : إن هي إلا أسماء سميتموها ( سورة النجم : ٢٣ ). وهذا إفحام لهم وتسفيه لأحلامهم بأنهم ألّهوا ما لا حقائق لها فلا شبهة لهم في ذلك، كقوله تعالى : أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ( سورة الرعد : ١٦ ). وقد تمحل المفسرون في تأويل قل سموهم ( بما لا مُحَصّل له من المعنى.
ثم أضرب عن ذلك بجملة ) أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ( وهي ) أم ( المنقطعة. ودَلت ) أم ( على أن ما بعدها في معنى الاستفهام، وهو إنكاري توبيخي، أي ما كان لكم أن تفتروا على الله فتضعوا له شركاء لم ينبئكم لوجودهم، فقوله :( بما لا يعلم في الأرض ( كناية عن غير الموجود لأن ما لا يعلمه الله لا وجود له إذ لو كان موجوداً لم يَخْفَ على علم العلام بكل شيء. وتقييد ذلك ب ) الأرض ( لزيادة تجهيلهم لأنه لو كان يخفى عن علمه شيء لخفي عنه ما لا يرى ولما خفيت عنه موجودات عظيمة بزعمكم.
وفي سورة يونس ( ١٨ ) ) قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض زيادة في التعميم.
وأم ( الثانية متصلة هي معادلة همزة الاستفهام المقدرة في ) أم تنبئونه ). وإعادة الباء للتأكيد بعد ) أم ( العاطفة. والتقدير : بل أتنبئونه بما لا يعلم في الأرض بل أتنبئونه بظاهر من القول.
وليس الظاهر هنا مشتقاً من الظهور بمعنى الوضوح بل هو مشتق من الظُور بمعنى الزوال كناية عن البطلان، أي بمجرد قبول لا ثبات له وليس بحق، كقول أبي ذؤيب :
وتلككِ شكاة ظاهر عنككِ عارُها
وقول سبرة بن عمرو الفقعسي :
أعيّرْتَنا ألبانها ولحومها
وذلك عارياً يا ابنَ رَيْطة ظاهر


الصفحة التالية
Icon