" صفحة رقم ١٥٦ "
والإشارة إلى الجنة بصفاتها بحيث صارت كالمشاهدة، والمعنى : تلك هي التي سمعتم أنها عقبى الدار للذين يوفون بعهد الله إلى قوله :( ويدرأون بالحسنة السيّئة إلى قوله فنعم عقبى الدار ( سورة الرعد : ٢٤ ) هي الجنة التي وعد المتّقون. وقد علم أن الذين اتقوا هم المؤمنون الصالحون كما تقدم. وأول مراتب التقوى الإيمان. وجملة وعقبى الكافرين النار ( مستأنفة للمناسبة بالمضادة. وهي كالبيان لِجملة ) ولهم سوء الدار.
٣٦ ) ) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الاَْحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ).
الواو للاستئناف. وهذا استئناف ابتدائي انتقل به إلى فضل لبعض أهل الكتاب في حسن تلقيهم للقرآن بعد الفراغ من ذكر أحوال المشركين من قوله : كذلك أرسلناك في أمة ( سورة الرعد : ٣٠ ) الخ، ولذلك جاءت على أسلوبها في التعقيب بجملة قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به ( سورة الرعد : ٣٦ ).
والمناسبة هي أن الذين أرسل إليهم بالقرآن انقسموا في التصديق بالقرآن فِرقاً ؛ ففريق آمنوا بالله وهم المؤمنون، وفريق كفروا به وهم مصداق قوله : وهم يكفرون بالرحمان ( سورة الرعد : ٣٠ )، كما تقدم أنه عائد إلى المشركين المفهومين من المقام كما هو مصطلح القرآن.
وهذا فريق آخر أيضاً أهل الكتاب وهو منقسم أيضاً في تلقي القرآن فرقتين : فالفريق الأول صدّقوا بالقرآن وفرحوا به وهم الذين ذُكروا في قوله تعالى : وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق في سورة العقود ( ٨٣ )، وكلهم من النصارى مثل ورقة بن نوفل وكذلك غيره ممن بلغهم القرآن أيام مُقام النبي بمكة قبل أن تبلغهم دعوة النبي فإن اليهود