" صفحة رقم ١٦٧ "
ويجوز أن يكون قوله :( وعنده أم الكتاب ( مراداً به الكتاب الذي كتبت به الآجال وهو قوله :( لكل أجل كتاب (، وأن المحو في غير الآجال.
ويجوز أن يكون أم الكتاب مراداً به علم الله تعالى، أي يمحو ويثبت وهو عالم بأن الشيء سيُمحى أو يثبت. وفي تفسير القرطبي عن ابن عمر قال سمعت النبي ( ﷺ ) يقول :( يمحو الله ما يشاء ويثبت إلاّ السعادة والشقاوة والموت ). وروى مثله عن مجاهد. وروى عن ابن عباس ) يمحوا الله ما يشاء ويثبت ( إلا أشياء الخَلْقَ بفتح الخاء وسكون اللام والخُلُق بضم الخاء واللام والأجل والرزقَ والسعادة والشقاوة، ) وعنده أم الكتاب ( الذي لا يتغيّر منه شيء. قلت : وقد تفرع على هذا قول الأشعري : إن السعادة والشقاوة لا يتبدلان خلافاً للماتريدي.
وعن عمر وابن مسعود ما يقتضي أن السعادة والشقاوة يقبلان المحو والإثبات.
فإذا حمل المحو على ما يجمع معاني الإزالة، وحُمل الإثبات على ما يجمع معانيَ الإبقاء، وإذا حمل معنى ) أم الكتاب ( على معنى ما لا يقبل إزالة ما قرر أنه حاصل أو أنه موعود به ولا يقبل إثبات ما قرر انتفاؤه، سواء في ذلك الأخبار والأحكام، كان ما في أم الكتاب قسيماً لما يمحى ويثبت.
وإذا حمل على أن ما يقبل المحو والإثبات معلوم لا يتغيّر علم الله به كان ما في أم الكتاب تنبيهاً على أن التغييرات التي تطرأ على الأحكام أو على الأخبار ما هي إلا تغييرات مقررة من قبلُ وإنما كان الإخبار عن إيجادها أو عن إعدامها مظهراً لما اقتضته الحكمة الإلهية في وقت ما.
و ) أم الكتاب ( لا محالة شيء مضاف إلى الكتاب الذي ذُكر في قوله :( لكل أجل كتاب ). فإن طريقَة إعادة النكرة بحرف التعريف أن تكون


الصفحة التالية
Icon