" صفحة رقم ٢٠٦ "
من رسل الأمم السالفة دخل أرض مكذّبيه بعد هلاكهم وامتلكها إلا النبي محمداً ( ﷺ ) قال في حجة الوداع ( منزلُنا إن شاء الله غداً بالخَيْف خَيْفَ بني كنانة حيثُ تقاسموا على الكفر ).
وعلى تقدير أن يكون المراد ب ) الذين كفروا ( في هذه الآية نفس المراد من الأقوام السالفين فالإظهار في مقام الإضمار لزيادة تسجيل اتصافهم بالكفر حتى صار الخصلة التي يعرفون بها. وعلى هذا التقدير يكون المراد من الرسل ظاهرَ الجمع فيكون هذا التوعد سنة الأمم ويكون الإيماء إليهم به سنة الله مع رسله.
وتأكيد توعدهم بالإخراج بلام القسم ونون التوكيد ضراوة في الشر.
و ( أو ) لأحد الشيئين، أقسموا على حصول أحد الأمرين لا محالة، أحدهما من فعل المقسمين، والآخر من فعل مَن خوطب بالقسم، وليست هي ) أو ( التي بمعنى ) إلى ( أو بمعنى ) إلاّ.
والعود : الرجوع إلى شيء بعد مفارقته. ولم يكن أحد من الرسل متبعاً ملّة الكفر بل كانوا منعزلين عن المشركين دون تغيير عليهم، فكان المشركون يحسبونهم موافقين لهم، وكان الرسُل يتجنبون مجتمعاتهم بدون أن يشعروا بمجانبتهم، فلما جاءُوهم بالحق ظنّوهم قد انتقلوا من موافقتهم إلى مخالفتهم فطلبوا منهم أن يعودوا إلى ما كانوا يحسبونهم عليه.
والظرفية في قوله : في ملتنا ( مجازية مستعملة في التمكن من التلبس بالشيء المتروك فكأنه عاد إليه.
والملّة : الدين. وقد تقدم عند قوله تعالى :( ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً في آخر سورة الأنعام ( ١٦١ )، وانظر قوله : فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً في أوائل سورة آل عمران ( ٩٥ ).


الصفحة التالية
Icon