" صفحة رقم ٢١١ "
والصديد : المُهلة، أي مثل الماء يسيل من الدمل ونحوه، وجعل الصديد ماء على التشبيه البليغ في الإسقاء، لأن شأن الماء أن يُسْقى. والمعنى : ويسقى صديداً عوض الماء إن طلب الإسقاء، ولذلك جعل ) صديد ( عطفَ بيان ل ) ماء ). وهذا من وجوه التشبيه البليغ.
وعطف جملة ) يسقى ( على جملة ) من ورائه جهنم ( لأن السقي من الصديد شيء زائد على نار جهنم.
والتجرع : تكلف الجَرْع، والجرع ؛ بلع الماء.
ومعنى ) يُسيغه ( يفعل سوغه في حلقه. والسوغ ؛ انحدار الشراب في الحلق بدون غصة، وذلك إذا كان الشراب غير كريه الطعم ولا الريح، يقال ساغ الشراب، وشراب سائغ. ومعنى ) لا يكاد يسيغه ( لا يقارب أن يسيغه فضلاً عن أن يسيغه بالفعل، كما تقدم في قوله تعالى :( وما كادوا يفعلون في سورة البقرة ( ٧١ ).
وإتيان الموت : حلوله، أي حلول آلامه وسكراته، قال قيس بن الخطيم :
متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
بقرينة قوله : وما هو بميت (، أي فيستريح.
والكلام على قوله :( ومن وراءه عذاب غليظ ( مثل الكلام في قوله :( من ورائه جهنم (، أي ينتظره عذاب آخر بعد العذاب الذي هو فيه.
والغليظ : حقيقته الخشن الجسم، وهو مستعمل هنا في القوة والشدة بجامع الوفرة في كل، أي عذاب ليس بأخف مما هو فيه. وتقدم عند قوله :( ونجيناهم من عذاب غليظ في سورة هود ( ٥٨ ).