" صفحة رقم ٢١٤ "
كيف تهلك فئة مثل هؤلاء ؟ ؟ فيجاب بأن الله الذي قدر على خلق السماوات والأرض في عظمتها قادر على إهلاك ما هو دونها، فمبدأ الاستئناف هو قوله :( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ).
وموقع جملة ) ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق ( موقع التعليل لجملة الاستئناف، قدم عليها كما تجعل النتيجة مقدمة في الخطابة والجِدال على دليلها. وقد بيناه في كتاب ( أصول الخطابة ).
ومناسبة موقع هذا الاستئناف ما سبقه من تفرق الرماد في يوم عاصف.
والخطاب في ) ألم تر ( لكل من يصلح للخطاب غير معيّن، وكل مَن يظن به التساؤل عن إمكان إهلاك المشركين.
والرؤية : مستعملة في العلم الناشىء عن النظر والتأمل، لأن السماوات والأرض مشاهدة لكل ناظر، وأما كونها مخلوقة لله فمحتاج إلى أقل تأمل لسهولة الانتقال من المشاهدة إلى العلم، وأما كون ذلك ملتبساً بالحق فمحتاج إلى تأمل عميق. فلمّا كان أصل ذلك كله رؤية المخلوقات المذكورة علق الاستدلال على الرؤية، كقوله تعالى :( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ( سورة إبراهيم : ١٠١ ).
والحق هنا : الحكمة، أي ضد العبث، بدليل مقابلته به في قوله تعالى : وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ( سورة الدخان : ٣٨، ٣٩ ).
وقرأه حمزة، والكسائي، وخلَف خلق السماوات والأرض ( بصيغة اسم الفاعل مضاف إلى ) السماوات ( وبخفض ) والأرض ).


الصفحة التالية
Icon