" صفحة رقم ٢١٥ "
والخطاب في ) يذهبكم ( لجماعة من جملتهم المخاطب ب ) ألم تر ). والمقصود : التعريض بالمشركين خاصة، تأكيداً لوعيدهم الذي اقتضاه قوله :( لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم (، أي إن شاء أعدم الناس كلهم وخلق ناساً آخرين.
وقد جيء في الاستدلال على عظيم القدرة بالحكم الأعم إدماجاً للتعليم بالوعيد وإظهاراً لعظيم القدرة. وفيه إيماء إلى أنه يذهب الجبابرة المعاندين ويأتي في مكانهم في سيادة الأرض بالمؤمنين ليمكنهم من الأرض.
وجملة ) وما ذلك على الله بعزيز ( عطف على جملة ) إن يشأ يذهبكم ( مؤكد لمضمونها، وإنما سلك بهذا التأكيد ملك العطف لما فيه من المغايرة للمؤكد في الجملة بأنه يفيد أن هذا المَشيء سهل عليه هين، كقوله :( وهو الذي يبدأ لخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ( سورة الروم : ٢٧ ).
والعزيز على أحدٍ : المتعاصي عليه الممتنع بقوته وأنصاره.
) وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُو اْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَىْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ).
عطف على جملة ) إن يشأ يذهبكم ( ( إبراهيم : ٢٠ ) باعتبار جواب الشرط وهو الإذهاب، وفي الكلام محذوف، إذ التقدير : فأذْهَبهم وبرزوا لله جميعاً، أي يوم القيامة.
وكان مقتضى الظاهر أن يقول : ويبرزون لله، فعدل عن المضارع إلى الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه حتى كأنه قد وقع، مثل قوله تعالى :( أتى أمر الله ( سورة النحل : ١ ).