" صفحة رقم ٢٢٣ "
حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاَْرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ).
استئناف ابتدائي اقتضته مناسبة ما حكي عن أحوال أهل الضلالة وأحوال أهل الهداية ابتداء من قوله تعالى :( وبرزوا لله جميعاً إلى قوله تحيتهم فيها سلام (، فضرب الله مثلاً لكلمة الإيمان وكلمة الشرك. فقوله :( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً إيقاظ للذهن ليترقب ما يرد بعد هذا الكلام، وذلك مثل قولهم : ألم تعلم. ولم يكن هذا المثَل مما سبق ضربه قبل نزول الآية بل الآية هي التي جاءت به، فالكلام تشويق إلى علم هذا المثل. وصوغ التشويق إليه في صيغة الزمن الماضي الدال عليها حرف لَمْ ( التي هي لنفي الفعل في الزمن الماضي والدالّ عليها فعل ) ضرب ( بصيغة الماضي لقصد الزيادة في التشويق لمعرفة هذا المثل وما مثل به.
والاستفهام في ) ألم تر ( إنكاري، نُزل المخاطب منزلة من لم يعلم فأنكر عليه عدم العلم، أو هو مستعمل في التعجيب من عدم العلم بذلك مع أنه مما تتوفر الدواعي على علمه، أو هو للتقرير، ومثله في التقرير كثير، وهو كناية عن التحريض على العلم بذلك.
والخطاب لكل من يصلح للخطاب. والرؤية علمية معلّق فعلها عن العمل بما وليها من الاستفهام ب ) كيف ). وإيثار ) كيف ( هنا للدلالة على أن حالة ضرب هذا المثل ذات كيفية عجيبة من بلاغته وانطباقه.
وتقدم المثَل في قوله :( مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً في سورة البقرة ( ١٧ ).
وضَرْب المثل : نَظْم تركيبه الدال على تشبيه الحالة. وتقدم عند قوله : أن يضرب مثلاً ما في سورة البقرة ( ٢٦ ).