" صفحة رقم ٢٥١ "
مكر عظيم لَتزول منه الجبال لو كان لها أن تزول، أي جديرة، فهو مستعمل في معنى الجدارة والتأهل للزوال لو كانت زائلة. وهذا من المبالغة في حصول أمر شنيع أو شديد في نوعه على نحو قوله تعالى :( يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ( سورة مريم : ٩٠ ).
٤٧ ) فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ).
تفريع على جميع ما تقدم من قوله :( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون ( إبراهيم : ٤٢ ). وهذا محل التسلية. والخطاب للنبيء. وتقدم نظيره آنفاً عند قوله : ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، لأن تأخير ما وعد الله رسوله عليه الصلاة والسلام من إنزال العقاب بأعدائه يشبه حال المخلف وعده، فلذلك نهي عن حُسبانه.
وأضيف مخلف ( إلى مفعوله الثاني وهو ) وعده ( وإن كان المفعول الأول هو الأصل في التقديم والإضافة إليه لأن الاهتمام بنفي إخلاف الوعد أشد، فلذلك قدم ) وعده ( على ) رسله ).
و ) رسله ( جمع مراد به النبي ( ﷺ ) لا محالة، فهو جمع مستعمل في الواحد مجازاً. وهذا تثبيت للنبيء ( ﷺ ) بأن الله منجز له ما وعده من نصره على الكافرين به. فأما وعده للرسل السابقين فذلك أمر قد تحقق فلا يناسب أن يكون مراداً من ظاهر جمع ) رسله ).
وجملة ) إن الله عزيز ذو انتقام ( تعليل للنهي عن حُسبانه مُخلف وعده.
والعزة : القدرة. والمعنى : أن موجب إخلاف الوعد منتف عن الله تعالى لأن إخلاف الوعد يكون إما عن عَجز وإما عن عدم اعتياد الموعود به، فالعزة


الصفحة التالية
Icon