" صفحة رقم ٨٨ "
والتفضيل : منة بالأفضل وعبرة به وبضده وكناية عن الاختلاف.
وقرأ الجمهور ) تُسقَى ( بفوقية اعتباراً بجمع ) جنات (، وقرأه ابن عامر، وعاصم، ويعقوب ) يسقى ( بتحتية على تأويل المذكور.
وقرأ الجمهور ) ونفضل ( بنون العظمة، وقرأه حمزة، والكسائي، وخلف ) ويفضل ( بتحتية. والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله :( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ). وتأنيث ) بعضها ( عند من قرأ ) يسقى ( بتحتية دون أن يقول بعضه لأنه أريد يفضل بعض الجنات على بعض في الثمرة.
والأُكْل : بضم الهمزة وسكون الكاف هو المأكول. ويجوز في اللغة ضم الكاف.
وظرفية التفضيل في ) الأكل ( ظرفية في معنى الملابسة لأن التفاضل يظهر بالمأكول، أي نفضل بعض الجنات على بعض أو بعض الأعناب والزرع والنخيل على بعض من جنسه بما يثمره. والمعنى أن اختلاف طعومه وتفاضلها مع كون الأصل واحداً والغذاء بالماء واحداً ما هو إلا لقوى خفيّة أودعها الله فيها فجاءت آثارها مختلفة.
ومن ثم جاءت جملة ) إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( مجيء التذييل.
وأشار قوله :( ذلك ( إلى جميع المذكور من قوله :( وهو الذي مدّ الأرض ( سورة الرعد : ٣ ). وقد جعل جميع المذكور بمنزلة الظرف للآيات. وجعلت دلالته على انفراده تعالى بالإلهية دلالات كثيرة إذ في كل شيء منها آية تدل على ذلك.
ووصفت الآيات بأنها من اختصاص الذين يعقلون تعريضاً بأن من لم تقنعهم تلك الآيات منزّلون منزلة من لا يعقل. وزيد في الدلالة على أن العقل سجية للذين انتفعوا بتلك الآيات بإجراء وصف العقل على كلمة قَوم ( إيماء إلى أن العقل من مقومات قوميتهم كما بيناه في الآية قبلها.