" صفحة رقم ١٠٢ "
وقرأ حمزة والكسائي وخلف ) تعالى عما تشركون ( بمثناة فوقية.
٤ ) ) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (
استئناف بياني أيضاً. وهو استدلال آخر على انفراده تعالى بالإلهية ووحدانيته فيها. وذلك أنه بعد أن استدلّ عليهم بخلق العوالم العُليا والسفلى وهي مشاهدة لديهم انتقل إلى الاستدلال عليهم بخلق أنفسهم المعلوم لهم. وأيضاً لما استدلّ على وحدانيته بخلق أعظم الأشياء المعلومة لهم استدلّ عليهم أيضاً بخلق أعجب الأشياء للمتأمّل وهو الإنسان في طَرْفَيْ أطواره من كونه نطفة مهينة إلى كونه عاقلاً فصيحاً مبيناً بمقاصده وعلومه.
وتعريف ) الإنسان ( للعهد الذهني، وهو تعريف الجنس، أي خلق الجنس المعلوم الذي تَدْعونه بالإنسان.
وقد ذُكر للاعتبار بخلق الإنسان ثلاثة اعتبارات : جنسُه المعلومُ بماهيته وخواصه من الحيوانية والناطقية وحسن القوام، وبقيةُ أحوال كونه، ومبدأ خلقه وهو النطفة التي هي أمهن شيء نشأ منها أشرف نوع، ومنتهى ما شرفه به وهو العقل. وذلك في جملتين وشبه جملة ) خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين ).
والخصيم من صيغ المبالغة، أي كثير الخصام.
و ) مبين ( خبر ثاننٍ عن ضمير ) فإذا هو (، أي فإذا هو متكلم مُفصح عما في ضميره ومُراده بالحقّ أو بالباطل والمنطق بأنواع الحجّة حتى السفسطة.
والمراد : الخصام في إثبات الشركاء، وإبطال الوحدانية، وتكذيب من يَدْعون إلى التوحيد، كما دل عليه قوله تعالى في سورة يس ( ٧٧، ٧٨ ) :( أو لم ير الإنسان أنا


الصفحة التالية
Icon