" صفحة رقم ١١٥ "
ما تقدم في قوله تعالى :( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ( سورة النحل : ٥ ) الآية، وقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير لتركبوها ( سورة النحل : ٨ ) الآية.
وأسند الإنبات إلى الله لأنه الملهم لأسبابه والخالق لأصوله تنبيهاً للناس على دفع غرورهم بقدرة أنفسهم، ولذلك قال : إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( لكثرة ما تحت ذلك من الدقائق.
وذكر الزرع والزيتون وما معهما تقدم غير مرة في سورة الأنعام.
والتفكّر تقدم عند قوله تعالى :( قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون في سورة الأنعام ( ٥٠ ).
وإقحام لفظ قوم للدلالة على أن التفكّر من سجاياهم، كما تقدم عند قوله تعالى : لآيات لقوم يعقلون في سورة البقرة ( ١٦٤ ).
ومن كل الثمرات ( عطف على ) الزرع والزيتون (، أي وينبت لكم به من كل الثمرات مما لم يذكر هنا.
والتعريف تعريف الجنس. والمراد : أجناس ثمرات الأرض التي ينبتها الماء، ولكل قوم من الناس ثمرات أرضهم وجَوّهم. و ) من ( تبعيضية قصد منها تنويع الامتنان على كل قوم بما نالهم من نعم الثمرات. وإنما لم تدخل على الزرع وما عطف عليه لأنها من الثمرات التي تنبت في كل مكان.
وجملة ) إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( تذييل.
والآية : الدلالة على أنه تعالى المبدع الحكيم. وتلك هي إنبات أصناف مختلفة من ماء واحد، كما قال :( تسقى بماء واحد في سورة الرعد ( ٤ ).
ونيطت دلالة هذه بوصف التفكير لأنها دلالة خفية لحصولها بالتدريج. وهو تعريض بالمشركين الذين لم يهتدوا بما في ذلك من دلالة على تفرّد الله بالإلهية بأنهم قوم لا يتفكرون.