" صفحة رقم ١١٧ "
أول وثالثاً يرجع إلى ما نجم من الأرض، فجميعه آية واحدة تابعة لخلق الأرض وما تحتويه ( أي وهو كله ذو حالة واحدة وهي حالة النبات في الأرض في الأول وحالة واحدة وهي حالة الذرء في التناسل في الحيوان في الآية الثالثة ) وأما ما ذكر في المرة الثانية فإنه راجع إلى اختلاف أحوال الشمس والقمر والكواكب، وفي كل واحد منها نظام يخصّه ودلائل تخالف دلائل غيره، فكان ما ذكر في ذلك مجموع آيات ( أي لأن بعضها أعراض كالليل والنهار وبعضها أجرام لها أنظمة مختلفة ودلالات متعددة ).
) ) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِى الاَْرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ).
عطف على ) الليل والنهار ( سورة النحل : ١٢ )، أي وسخّر لكم ما ذرأ لكم في الأرض. وهو دليل على دقيق الصّنع والحكمة لقوله تعالى : مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون ). وأومىء إلى ما فيه من منّة بقوله ) لكم ).
والذرء : الخلق بالتناسل والتوّلد بالحمل والتفريخ، فليس الإنبات ذرءاً، وهو شامل للأنعام والكراع ( وقد مضت المنّة به ) ولغيرها مثل كلاب الصيد والحراسة، وجوارح الصيد، والطيور، والوحوش المأكولة، ومن الشجر والنبات.
وزيد هنا وصف اختلاف ألوانه وهو زيادة للتعجيب ولا دخل له في الامتنان، فهو كقوله تعالى :( تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل في سورة الرعد ( ٤ )، وقوله تعالى : ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه في سورة فاطر ( ٢٧ ). وبذلك صار هذا آية مستقلة فلذلك ذيّله بجملة إن في ذلك لآية لقوم يذكرون (، ولكون محل الاستدلال هو اختلاف الألوان مع اتّحاد أصل الذرء أفردت الآية في قوله تعالى :( إن في ذلك لآية ).


الصفحة التالية
Icon