" صفحة رقم ١٣١ "
وأكره أن أسأل عنه، وأشربُ من ماء زمزم وأكون في المسجد... إلى آخر الحديث.
وسؤال السّائلين لطلب الخبر عن المنزل من الله يدلّ على أن سؤالهم سؤال مسترشد عن دعوى بلغتهم وشاع خبرها في بلاد العرب، وأنهم سألوا عن حسن طويّة، ويصُوغون السؤال عن الخبر كما بلغتهم دعوتُه.
وأما الجواب فهو جوابٌ بليغ تضمّن بيان نوع هذا الكلام، وإبطال أن يكون منزلاً من عند الله لأن أساطير الأولين معروفة والمنزّل من عند الله شأنه أن يكون غير معروف من قبل.
وماذا ( كلمة مركبة من ( ما ) الاستفهامية واسم الإشارة، ويقع بعدها فعل هو صلة لموصول محذوف ناب عنه اسم الإشارة. والمعنى : ما هذا الذي أنزل.
و ( ما ) يستفهم بها عن بيان الجنس ونحوه. وموضعها أنها خبر مقدّم. وموضع اسم الإشارة الابتداءُ. والتقدير : هذا الذي أنزل ربكم ما هو. وقد تسامح النحويون فقالوا : إن ( ذا ) من قولهم ( ماذا ) صارت اسم موصول. وتقدم عند قوله تعالى :( يسألونك ماذا ينفقون في سورة البقرة ( ٢١٥ ).
وأساطير الأولين ( خبر مبتدأ محذوف دلّ عليه ما في السؤال. والتقدير : هو أساطير الأوّلين، أي المسؤول عنه أساطير الأوّلين.
ويعلم من ذلك أنه ليس منزّلاً من ربهم لأن أساطير الأوّلين لا تكون منزّلة من الله كما قلناه آنفاً. ولذلك لم يقع ) أساطير الأولين ( منصوباً لأنه لو نصب لاقتضى التقدير : أنزل أساطير الأولين، وهو كلام متناقض. لأن أساطير الأولين السابقة لا تكون الذي أنزل الله الآن.
والأساطير : جمع أسطار الذي هو جمع سطر. فأساطير جمع الجمع. وقال المبرّد : جمع أسطورة بضم الهمزة كأرجوحة. وهي مؤنثة باعتبار أنها


الصفحة التالية
Icon