" صفحة رقم ١٣٦ "
وثمّ ( للتّرتيب الرّتبي، فإنّ خزي الآخرة أعظم من استئصال نعيم الدّنيا.
والخِزي : الإهانة. وقد تقدّم عند قوله تعالى :( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا في سورة البقرة ( ٨٥ ).
وتقديم الظرف للاهتمام بيوم القيامة لأنّه يوم الأحوال الأبديّة فما فيه من العذاب مهول للسّامعين.
وأين ( للاستفهام عن المكان، وهو يقتضي العلم بوجود من يحلّ في المكان. ولما كان المقام هنا مقام تهكّم كان الاستفهام عن المكان مستعملاً في التهكّم ليظهر لهم كالطماعية للبحث عن آلهتهم، وهم علموا أن لا وجود لهم ولا مكان لحلولهم.
وإضافة الشركاء إلى ضمير الجلالة زيادة في التوبيخ، لأنّ مظهر عظمة الله تعالى يومئذٍ للعيان ينافي أن يكون له شريك، فالمخاطبون عالمون حينئذٍ بتعذّر المشاركة.
والموصول من قوله تعالى :( الذين كنتم تشاقون فيهم ( للتّنبيه على ضلالهم وخطئهم في ادعاء المشاركة مثل الذي في قول عبدة :
إنّ الّذينَ ترونهم إخْوَانَكم
يشفي غليلَ صدورهم أن تصرعوا
والمشاقّة : المُشادة في الخصومة، كأنّها خصومة لا سبيل معها إلى الوفاق، إذ قد صار كلّ خصم في شِقّ غير شقّ الآخر.
وقرأ نافع ) تشقونِ ( بكسر النون على حذف ياء المتكلّم، أي تعاندونني، وذلك بإنكارهم ما أمرهم الله على لسان رسوله ( ﷺ ) وقرأ البقيّة ) تَشاقّون ( بفتح النون وحُذف المفعول للعلم، أي تعاندون من يدعوكم إلى التّوحيد.
و ( في ) للظرفيّة المجازيّة مع حذف مضاف، إذ المشاقّة لا تكون في الذوات بل في المعاني. والتّقدير : في إلهيتهم أو في شأنهم.


الصفحة التالية
Icon