" صفحة رقم ١٣٨ "
فَادْخُلُو اْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ).
القرينة ظاهرة على أنّ قوله تعالى :( الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ( ليست من مقول الذين أوتوا العلم يوم القيامة، إذ لا مناسبة لأن يعرّف الكافرون يوم القيامة بأنهم الّذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنْفُسهم ؛ فإن صيغة المضارع في قوله تعالى :( تتوفاهم الملائكة ( قريبة من الصريح في أن هذا التوفّي محكيّ في حال حصوله وهم يوم القيامة مضت وفاتهم ولا فائدة أخرى في ذكر ذلك يومئذٍ، فالوجه أن يكون هذا كلاماً مستأنفاً.
وعن عكرمة : نزلت هذه الآية بالمدينة في قوم أسلموا بمكّة ولم يهاجروا فأخرجهم قريش إلى بدْر كَرهاً فقُتلوا ببدر.
فالوجه أن ) الذين تتوفاهم الملائكة ( بدل من ) الذين ( في قوله تعالى :( فالذين لا يؤمنون بالآخرة ( سورة النحل : ٢٢ ) أو صفة لهم، كما يومىء إليه وصفهم في آخر الآية بالمتكبّرين في قوله تعالى : فلبئس مثوى المتكبرين (، فهم الّذين وصفوا فيما قبل بقوله تعالى :( وهم مستكبرون ( سورة النحل : ٢٢ )، وما بينهما اعتراض. وإن أبيت ذلك لبعد ما بين المتبوع والتّابع فاجعل الذين تتوفاهم الملائكة ( خبراً لمبتدإ محذوف. والتقدير : هم الذين تتوفاهم الملائكة.
وحذف المسند إليه جار على الاستعمال في أمثاله من كلّ مسند إليه جرى فيما سلف من الكلام. أخبر عنه وحدث عن شأنه، وهو ما يعرف عند السكاكي بالحذف المتّبع فيه الاستعمال. ويقابل هذا قوله تعالى فيما يأتي :( الذين تتوفّاهم الملائكة طيبين ( سورة النحل : ٣٢ ) فإنه صفة للذين اتقوا ( سورة النحل : ٣٠ ) فهذا نظيره.
والمقصود من هذه الصلة وصف حالة الذين يموتون على الشّرك ؛ فبعد أن ذكر حال حلول العذاب بمن حلّ بهم الاستئصال وما يحلّ بهم يوم القيامة